السودان

مشاركة الحركات المسلحة في الحرب .. علاقة مهددة بالشك والابتزاز

تقرير: راينو

تسريبات مثيرة للدهشة، ومحضر منشور على الهواء لاجتماع عكست تفاصيله الإعلامية “رشان أوشي”، حوى مطالبات أطراف من الحركات المسلحة لقادة الجيش، بزيادة وتعديل أنصبتهم في “كيكة السلطة”، لسودان ما بعد الحرب. الأمر الذي قوبل باستهجان الكثيرين، قبل أن تظهر تعليقات، بأنه من الطبيعي أن تكون هذه هي المُطالبات، طالما أعتاد قادة الجيش صناعة من يحميهم، ويبقيهم في السلطة.

حركات الحرب:

منذ بداية الحرب في السودان كانت ثلاث من الحركات المسلحة التي تشارك في الحكم بموجب اتفاق جوبا 2020م، قررت بعد نشوب الحرب عدم التدخل في النزاع العسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع والتزام جانب الحياد، وأصدرت بياناً بموقفها، في محاولة منها لقصر النزاع على طرفي الحرب فقط.

 وامتنعت عن توقيع البيان وقتها حركة تحرير السودان – قيادة الهادي إدريس وتجمّع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، ما ترتب على قادة الحركتين إقالتهما من منصبيهما بمجلس السيادة. إلا أن حياد الحركات الثلاث لم يصمد كثيراً حتى أعلنت انضمامها للقتال إلى جانب الجيش، الأمر الذي كان له تأثيراً سلبياً، على المدنيين في إقليم دارفور.

اجتماع مشبوه:

ولم تتوقف تقلبات مواقف الحركات المسلحة عند هذا الحد، بل تفاجأ الراي العام بتسريبات حول مطامع قادة الحركات المسلحة في السلطة والثروة، وبحسب التسريبات المتداولة فقد ناقش الاجتماع الذي ضم قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، ضرورة الضغط على جنرالات القوات المسلحة لإعادة توزيع انصبة السلطة الانتقالية، ومنح الحركات المسلحة نسبة (50٪) من الحكومة، وتحديداً وزارات (الخارجية، الداخلية، المالية، المعادن)، منصب رئيس الوزراء الانتقالي ومنصب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، بحجة أن قواتهم تقاتل في الميدان.

بجانب مطالبتهم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بمنحهم مطالب وصفتها بأنها واجبة النفاذ ومشروطة بالاستمرار في القتال أو العودة إلى مربع الحياد. وتشمل المطالب (1500) عربة كروزر، (4) مسيّرات، (1500) دوشكا، (1500) قرنوف، (1500) مدفع آر بي جي، و(300) بندقية قنص. وأشارت إلى أن البرهان لم يرد عليها حتى لحظة نشر التسريب.

وعد البرهان:

 مصدر بحركة العدل والمساواة كشف لـ”راينو” عن تذمر وسط قادة الحركات المسلحة، عقب تسريب ما حدده باستخبارات الجيش لخبر الاجتماع الذي انعقد بمنزل وزير المالية في الحكومة، وتوقع اندلاع أزمة حادة بين الجيش وحلفائه من حركات دارفور عقب تسريب محضر الاجتماع الذي ضم قادة الحركات الدارفورية، تداولوا فيه أجندة تتعلق بطرق الضغط على قيادة الجيش وتوزيع السلطة.

 إلا أن قيادي بحركة العدل والمساواة أشار إلى أن الحركات سبق وأن ناقشت نفس الأجندة مع قيادة الجيش في وقت سابق، وقال معلقاً عن جزئية تولي جبريل إبراهيم رئيس الحركة ووزير المالية لمنصب رئيس الوزراء قائلاً: “مسألة تعيين جبريل إبراهيم لمنصب رئيس الوزراء ذلك وعد قطعه البرهان لجبريل منذ 25 أكتوبر 2021 ومشاركته في الانقلاب ودعمه”.

استقالات جماعية:

تزامنت هذه التسريبات مع استقالات جماعية تقدم بها عدد من منسوبي حركة جيش تحرير السودان، وأعلنت حركة جيش تحرير السودان مكتب شرق دارفور في مؤتمر صحفي يوم الأحد، تقديم استقالات جماعية من الحركة، معلنين الحياد، ومؤكدين وقوفهم مع خيار التحول المدني الديمقراطي.

ومن باريس نفى مناوي سعيه لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية من مشاركته في الحرب إلى جانب الجيش، مؤكداً أن قوات الدعم السريع لم تترك لهم خياراً سوى المواجهة بعد أن بدأت بمهاجمة المدنيين وإحراق القرى والمعسكرات.

وشدد على ضرورة أن تكون جميع القوى العسكرية تحت إمرة الدولة، في إشارةٍ إلى قوات الدعم السريع. وقال: يجب أن يُطبّق شعار جيش واحد شعب واحد على أرض الواقع، وأن يتم إصلاح القوات المسلحة. ولكن يجب أولاً إنهاء هذه الحرب، سواءً عسكرياً أو سياسياً، وبعد ذلك يكون هذا الأمر بدايةً لأي حل.

علاقة ابتزاز:

ويقول الصحفي المختص في الشأن الدارفوري “أبو عبيدة عوض” لـ”راينو” إن العلاقة بين الحركات المسلحة والجيش السوداني بها نوع من الشك وقائمة على الابتزاز، كل طرف يقوم بابتزاز الآخر، مضيفاً : “ظل الجيش يبتز الحركات بأنها باحثة عن السلطة، والحركات تبتز الجيش بالمطالبة بالثروة والتسليح”، ويشير عوض إلى أن الجيش السوداني في بداية الحرب ضغط على الحركات المسلحة بدارفور للخرج من حالة الحياد وتقاتل إلى جانبه، حتى وافقت على ذلك ثم طالبت بنصيب أكبر في السلطة والثروة ، ويرى “عوض” أن العلاقة بين الجيش والحركات لم تدم طويلاً خاصة بعد لجوء الجيش للبحث عن بدائل أخرى مثل المقاومة الشعبية والمكونات الاجتماعية الأخرى.

من جانبه يذهب المحلل السياسي عمر سفيان سالم في حديثه لـ”راينو” إلى أن التعامل مع  التسريب باعتباره سبق صحفي أو صدفة يعد نوعا من السذاجة، واضاف: الواضح أن ثمة احساس ما بقرب نهاية الحرب ويريد تيار داخل الجيش تصفية الحسابات وتوحيد مركز السلطة في يده وتحديدا الضباط الاسلاميين داخل الجيش، وهؤلاء لا يرون في الحركات سوى اذرع أمنية يتم توظيفها متى ما أرادوا ذلك، وبعد نجاحهم في جرها للحرب مع جيشهم، يريدون الن الانقلاب عليها تدريجيا.

وتابع: “من الواضح جدا أن زهو الاسلاميين بالانتصار واحساسهم بقرب الانتصار على الدعم السريع جعلهم يتعجلون الكشف عن وجههم الحقيقي ونواياهم تجاه التحول المدني الديمقراطي وتجاه القوى المدنية وتجاه الاخر السياسي وكذلك تجاه حلفاءهم عسكرياً كالحركات القابلة للبيع والشراء التي قاتلت إلى جوارهم، بيد أن القول الفصل في المشهد في يد الدعم السريع الذي يبدو من صمته الحالي أن ثمة ما يتم الترتيب له وسيفاجيء الساحة السياسية والعسكرية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار