السودان

اتفاق المسارات الإنسانية .. هل يفلح مناوي في إيصال المساعدات دون التنسيق مع  الدعم السريع؟

تقرير: راينو

ما يزال أمر دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين داخل السودان، يواجه تعقيدات عملية على الأرض حتى، وإن كثر الحديث في المنابر عن تسهيلات دخولها. فأكثر من “75% ” من السكان مهددون بمجاعة وشيكة بحسب الإحصائيات الأممية، الأمر الذي يحتم على الجميع قوى مدنية محلية أو إقليمية أو دولية، العمل على إنقاذ الشعب السوداني، وتأكيد حقه في الحياة الآمنة، ألا يترك شأن توصيل الإعانات الإنسانية الغذائية والدوائية ومواد الإيواء والمنظفات وغيرها من الضروريات الحياتية لتقديرات الجهات العسكرية المتحاربة والمتقلبة الأمزجة.

اتفاق مناوي:

من مدينة “بورتسودان” عاصمة حكومة الأمر الواقع، أعلن رئيس حركة تحرير السودان “مني أركو مناوي” الأربعاء، عن توصله لاتفاق مع وكالات الأمم المتحدة ومنظمات دولية باعتماد مسارات جديدة من بورتسودان تمر عبرها المساعدات الإنسانية للمتأثرين من النزاع العسكري بولايات دارفور.

وكشف “مناوي” – الذي اجتمع مع ممثلي وكالات الأمم المتحدة ومنظمات دولية تنشط في العون الإنساني بمدينة بورتسودان – عن اعتماد مسارات تبدأ من بورتسودان مروراً بالولاية الشمالية، ثم إلى إقليم دارفور، مشيراً إلى انسياب المساعدات عن طريق “الطينة” من تشاد للفاشر بولاية شمال دارفور، على أن يتم ترتيب مسارات إضافية، بالتنسيق مع المنظمات والولاة المكلفين.

موافقات سابقة:

وتأتي تصريحات  “مني أركو مناوي”، بعد موافقة الحكومة السودانية على دخول المساعدات، الشيء الذي كانت ترفضه من قبل، وأبلغت حكومة السودان الأمم المتحدة بموافقتها على استخدام طريق “الطينة” لدخول الإغاثة، بالإضافة لمعابر أخرى، ومطارات مثل الفاشر وكادوقلي والأبيض، في حال تعثر الوصول عبر الطرق البرية.

وفي ذات الوقت قالت قوات الدعم السريع إنها ستتعاون مع المنظمات المعنية لفتح المطارات والطرق وجميع المنافذ الحدودية التي تحت سيطرتها لتسهيل وصول المساعدات للمتضررين.

قوات الدعم السريع:

ورداً على تحركات حاكم إقليم دارفور، أعلنت قوات الدعم السريع إن إعلان “مني أركو مناوي”، عما أسماه اتفاقاً على إيصال المساعدات الإنسانية من بورتسودان عبر طريق الدبة إلى دارفور، لا يعنيها في شيء ولا تعترف به. وأشارت في بيان لها أن “مناوي” لا يملك الحق في إبرام أي اتفاق، أو استلام الإغاثة نيابة عن أهل دارفور دون تفويض، وأكدت على تمسكها بما أسمته باـ”لعرف المتبع” في حالة الحرب، وهو “أن يتم نقل وتوصيل المساعدات الإنسانية بالاتفاق بين أطراف الحرب، أو الاتفاق بين المنظمات والأطراف الراغبة في تقديم الإغاثة، والطرف المسيطر على المناطق التي تنوي تلك المنظمات أو الأطراف إيصال الإغاثة إليها”.

بيئة آمنة:

وفي تصريح لـ”راينو” قال الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان “عدنان حازم”، إن اللجنة على تواصل مع الأطراف المنخرطة في الصراع في السودان، من أجل شرح طبيعة العمل الإنساني، وما يتطلبه من بيئة آمنة تضمن سلامة العاملين، مشيراً إلى أن العمل الإنساني في السودان فيه كثير من التعقيدات الأمنية التي يروح ضحيتها العاملين في هذا المجال، وأضاف:(تعرضنا لحوادث كثيرة خلال عملنا في السودان، وأثرت في أنشطة المنظمة)، مشيراً إلى أن الصليب الأحمر منذ اندلاع الحرب في السودان، كانت تقف جنباً إلى جنب مع الشعب السوداني.

وقال “حازم”:(حجم الجوع والحديث عنه في السودان مثير للقلق، ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار كخطوة أولى أساسية للقضاء على خطر المجاعة الذي يترصد السودانيين، خاصة مع تراجع المساحات المزروعة لهذا الموسم).

وأضاف:(واقع الحال يحكي عن معاناة كبيرة يعيشها المواطنون في معسكرات النزوح، خاصة مع دخول شهر “رمضان” في الولايات الشرقية والشمالية التي استقبلت أعداداً كبيرة من النازحين، بعد تمدد الحرب إلى ولاية الجزيرة ديسمبر الماضي. أما في ولايات دارفور، قد وصل الوضع إلى أسوأ حالاته، وصارت المعسكرات تسجل حالات وفيات يومياً بسبب الجوع).

ويقول المتطوع بأحد معسكرات النازحين بجنوب دارفور “ي، أ” لـ”راينو” إن المعسكر به مئات الأسر العاجزة عن توفير الغذاء والدواء، مشيراً إلى أن الأمر ازداد صعوبة خلال فترة انقطاع خدمات الاتصالات وتوقف تحويلات المتبرعين.

 وتابع “ي، أ”:(المعسكر به أطفال ونساء حوامل ومرضى تضاءلت فرص حصولهم على الوجبات الكافية مما أدى إلى تدهور أوضاعهم الصحية، وسط غياب كامل لدور المنظمات المحلية والعالمية).

مناطق سيطرة:

وتعليقا على كل ما سبق يرى الصحفي والمحلل السياسي “أحمد خليل”، إنه وفي حالة رفض قوات الدعم السريع لاتفاق حاكم إقليم دارفور بتحديد مسارات داخل مناطق سيطرة الدعم السريع، يجب على المنظمات الإنسانية أن تنسق وتتعامل مع الدعم السريع بشكل مباشر، باعتبارها الجهة المسيطرة على الأرض، وذلك لضمان وصول المساعدات.

 وقال خليل في تصريح لـ”راينو”، إنه وبعد بيان الدعم السريع الرافض لاتفاق مناوي، أصبح مسار هذه المساعدات محاط بالكثير من العراقيل، ويمكن أن تكون هدف لقوات الدعم السريع في تلك المناطق، ولا بد من أن يكون هنالك “صوت عقل”، لأن هذه المساعدات تبرعات من دول تحس بمعاناة المواطن السوداني الذي يحتاج لتدخل عاجل في كل المناطق، من أجل إيصال الغذاء والدواء وصيانة آبار مياه الشرب، خاصة أن هنالك حديث عن صعوبة في الحصول على مياه الشرب في ولاية شمال دارفور، ودعا “خليل” المنظمات للتعامل مع كل طرف في مناطق سيطرته، وحتى حاكم إقليم دارفور إذا كان يسيطر على منطقة، فيجب التعامل معه في هذه المنطقة. منبهاً لأهمية إيصال المساعدات للمواطن، سواءً في دارفور أو غيرها من الولايات، وأن يتم التعامل مع موضوع المساعدات بشكل إنساني، وزاد:(هنالك مناطق يسيطر عليها الجيش ومناطق يسيطر عليها الدعم السريع، أما مناوي كطرف ثالث، فهو لا يسيطر على منطقة حتى يحدد طريقة إيصال المساعدات).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار