السودان

الجنينة.. حديقة “دار أندوكة” هل تزهر من جديد؟  (الحلقة الثالثة)

الجنينة – راينو

في يوم السبت، الموافق للرابع من نوفمبر الجاري، بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على الفرقة “15” مشاة، التابعة للجيش السوداني بمدينة (الجنينة)، عاصمة ولاية غرب دارفور، لتعزز قبضتها على المدينة، وتواصل قوات الدعم السريع التوسع في إقليم دارفور، وولاياته الخمس.

معركة الجنينة:

غير أن معركة) الجنينة (التي استمرت لأيام، شهدت تقهقراً كبيراً للجيش السوداني، إذ وصل الأمر إلى انسحاب عشرات السيارات المحملة بالجنود للجارة تشاد، التي تبعد نحو (27) كيلومتراً فقط عن المدينة، ليسلموا أسلحتهم للقوات التشادية في منطقة (كيراي)، داخل أراضي الدولة الجارة، في مشهد لم تشهده الحرب من قبل، هذا علاوة على أسر الدعم السريع لعشرات الجنود المنتمين للجيش.

 وأظهرت فيديوهات نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي – بعضها نشرته القوات التشادية – مشهد لتسليم جنود القوات المسلحة السودانية لأنفسهم وأسلحتهم للقوات التشادية، بينما نشرت قوات الدعم السريع بدورها مقاطع مصورة لاستسلام جنود بالجيش في قاعدتهم هناك مقر الفرقة (15) الجنينة.

قوات الجيش تدخل الأراضي التشادية:

وكشفت مصادر متعددة عن مغادرة عناصر الجيش لمقر الفرقة (15)، وتوجههم أولاً إلى حامية الجيش بمنطقة (كُلبُس)، لتنضم لقوات أخرى انسحبت بدورها من منطقتي (سربا) و(صليعة)، قبل تحرك كل هذه القوات، إلى منطقة (كيراي)، حيث تم استقبالهم بواسطة القوات التشادية.

وتقع مدينة الجنينة التي شهدت أوضاعاً مروعة جراء الحرب في أقصى غرب السودان على ارتفاع (800) متر فوق سطح البحر، وتبعد عن العاصمة السودانية الخرطوم نحو (1200) كيلومتر، وتمثل حاضرة غرب دارفور مركزاً تجارياً مهماً في غرب القارة السمراء، كما إنها معبر حدودي نحو الجارة تشاد، وسائر بلدان غرب أفريقيا.

وكانت عاصمة غرب دارفور شهدت احداث مأساوية، أدت لمقتل لوالي الولاية (خميس أبكر)، في خضم أحداث عنف دامية شهدتها المدينة في يونيو الماضي، مع تصاعد اشتباكات وحشية تطورت لـ(عرقية – قبلية)، فازداد الوضع الإنساني تأزماً، بسقوط مئات القتلى، وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف شخص، ونزوح الآلاف.

اتهامات متبادلة:

واتهمت القوات المسلحة السودانية، في بيان الدعم السريع باختطاف واغتيال الوالي (خميس أبكر)، وبدورها اتهمت حركة العدل والمساواة التي كان يقودها (جبريل إبراهيم) المنحاز للقتال مع الجيش (مليشيات مسلحة) لم تسمها، باقتحام مقر اقامة الوالي واختطافه ثم قتله.

في وقت اتهم فيه التحالف السوداني الذي كان يرأسه الوالي الراحل، المجموعات العربية المتقاتلة، (التي يقف خلفها فلول النظام البائد)، بتنفيذ جريمة الاغتيال لرئيسه خميس.

من جانبها دمغت قوات الدعم السريع الاستخبارات العسكرية للجيش بالحادثة، وقالت في بيان لها أن متفلتين قاموا بارتكاب جريمة الاغتيال، وجاء في البيان:(على خلفية الصراع المحتدم بالولاية، نوجه وبشكل مباشر أصابع الاتهام إلى استخبارات الجيش، بالتورط في إشعال الحرب القبلية في الولاية، وتغذية القتال بتسليح القبائل، ما أدى إلى اشتداد فتيل الأزمة على نحو متسارع، ونجم عنه لجوء الآلاف من سكان الجنينة، الذين فروا الى أدري التشادية).

 الآن بسط الدعم السريع كامل سيطرته على حديقة (دار اندوكة)، التي اشتهرت بالطبيعة الخضراء، وبالحدائق والبساتين والحقول المخضرة.

تاريخ مدينة الجنينة:

ويعتبر السلطان (بحر الدين) سلطان المساليت، أول من حكم المدينة، واقام فيها حديقة كبيرة عرفت بـ(جنينة السلطان بحر الدين)، وتلقب المدينة باسم (الجنينة اندوكا)، وهو لقب السلطان (محمد بحر الدين)، الذي اشتهر بالكرم، وأشتق اللفظ (اندوكا) من لغة المساليت المحلية، وتعني (القدح الكبير)، في إشارة جلية للكرم والجود.

مدينة الخضرة، عرفت أيضاً بالأراضي الزراعية الخصبة، ما جعل الزراعة القطاع الأكبر اقتصادياً، وتُمثل مصدراً مهماً لإنتاج الصمغ العربي مع انتشار أشجار الهشاب في المنطقة. بينما يأتي الرعي تالياً، مع وجود ثروة حيوانية ضخمة في المنطقة. كما جعل منها موقعها الاستراتيجي في أقصى غرب البلاد، منطقة تجارية مهمة لتجارة الحدود، واستقطاب السلع من الجارة تشاد، وتصدير السلع السودانية اليها، والى غرب القارة الافريقية.

الجنينة بيد الدعم السريع:

والسؤال الأهم الآن، والذي لا بد له من إجابة في القريب، هل ستعود حديقة (دار اندوكة) للإزهار مرة أخرى؟ وهل تفلح محاولات تضميد جراح غائرة ووبال جرته على المدينة الخضراء حرب (15) أبريل وتداعياتها المؤلمة، خصوصاً على الجنينة التي هجرها كثير من أهلها هرباً بحثاً عن ملاذ آمن، فهل تعود لسابق عهدها، بعد توقف المعارك، وبدء الحياة للعودة الى طبيعتها، في أحياء الرياض والسلام والشاطئ، وبقية مناطق المدينة، خصوصاً بعد أن خرج المواطنون المتواجدون في المدينة احتفالاً مع قوات الدعم السريع بسيطرتها على المدينة، وتسلم مقر الفرقة (15) مشاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار