السودان

الجنينة في يد الدعم السريع  .. أهمية استراتيجية واقتصادية للمدينة الحدودية

الجنينة: راينو – أكدت مصادر عسكرية أن قوات الدعم السريع أكملت السيطرة على الفرقة 15مشاة الجنينة بولاية غرب دارفور اليوم السبت، وأن قوات الجيش تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وتعتبر الفرقة 15 مشاة ثالث أكبر فرقة في السودان بعد نيالا والأبيض من حيث عدد الجنود والتسليح. وقالت المصادر أن قوات الدعم السريع فرضت حصارا محكماً على الفرقة مما أدى الى سهولة تحريرها. وبثت قوات الدعم السريع فيديو من داخل الفرقة لتأكيد السيطرة عليها كما بثت فيديو يظهر فيه العشرات من عناصر الجيش تم أسرهم خلال المعركة. وكشفت المصادر عن انضمام (236) من جنود الفرقة إلى قوات الدعم السريع بعدد بكامل عتادهم العسكري.

توقف الإمداد عن الفرقة 15 بالجنينة:

واندلعت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في المدينة منذ صباح الأربعاء، بحسب شهود عيان من السكان المحليين، حيث هاجمت قوات الدعم السريع الفرقة 15 مشاة، وهي مقر قيادة الجيش في الجنينة، بأعداد كبيرة كما اشتبكت مع قوة من الجيش في محلية كرينك بشرق الجنينة، وانتشرت في المحلية التي تعد بوابة الولاية من الناحية الشرقية.

وقالت مصادر في الجيش السوداني تحدثت إلى وكالة أنباء العالم العربي، إن الفرقة 15 تعرضت خلال اليومين الماضيين إلى قصف عنيف من مدفعية قوات الدعم السريع، وذلك بعد حصارها طوال الأشهر الماضية عقب اندلاع الصراع المسلح في 15 أبريل. وأشارت المصادر إلى أن إمداد الأسلحة والذخائر ودعم الفرقة 15 بمزيد من الجنود، توقف منذ بداية الصراع في أبريل بسبب الحصار المفروض عليها وبُعدها عن مركز الجيش في الخرطوم، إضافة إلى الهجوم المستمر على مقرات الجيش الأخرى في الإقليم.

وبالسيطرة على مقر الجيش في الجنينة غرب دارفور، تكون قوات الدعم السريع قد أحكمت قبضتها على ثلاث مدن رئيسية من جملة خمس مدن في إقليم دارفور، وهي زالنجي في الوسط ونيالا في الجنوب اللتان أعلنت السيطرة عليهما الأسبوع الماضي إضافة إلى الجنينة في الغرب. وقال الشهود إن سكان الأحياء القريبة من مقر الجيش في الجنينة فروا من ديارهم ليلحقوا ببقية المدنيين في منطقة أدري المجاورة للجنينة شرق تشاد.

أهمية استراتيجية:

وتقع مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور في السودان، في أقصى غرب البلاد على ارتفاع 800 متر فوق سطح البحر، وعلى الحدود مع تشاد وأفريقيا الوسطى، وتبلغ مساحتها حوالي 250 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 170 ألف نسمة. وتبعد عن الخرطوم العاصمة حوالي 1200 كيلومتر، وعن مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور 350 كيلومتر، وهي مركز تجاري ومعبر حدودي نحو تشاد، وسائر بلدان غرب افريقيا، حيث تبعد عن الحدود التشادية حوالي 27 كيلومتر.

 وتأسست الجنينة في القرن التاسع عشر، كعاصمة لسلطنة المساليت، وهي إحدى سلطنات دارفور القديمة. وفي العام 1919، انضمت المدينة إلى السودان الإنجليزي المصري، وتضم مجموعة متنوعة من القبائل، منها المساليت، والعرب، والزغاوة، والهوسا. وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، حيث تقع على مفترق طرق، وترتبط بمدن حدودية مهمة في أفريقيا الوسطى وتشاد من خلال الطرق البرية والطرق الجوية، إذ ترتبط بمدينة أواكا في أفريقيا الوسطى عبر طريق بطول 120 كيلومترًا، وتتبادل معها المنتجات الزراعية والحيوانية، كما ترتبط المدينة بمدينة مونغو في تشاد عبر طريق بطول 160 كيلومترًا، وتتبادل معها المنتجات التقليدية والحرف اليدوية بالإضافة للمنتجات الزراعية والحيوانية. ويوجد بالجنينة مطار دولي يربطها بمدن أخرى في السودان والدول المجاورة.

قيمة اقتصادية:

يعزز ارتباط مدينة الجنينة بمدن حدودية مهمة في أفريقيا الوسطى وتشاد من أهميتها الاقتصادية كمركز للتجارة والنقل، وكمركز للتبادل الثقافي والحضاري بين هذه الدول. وتهطل فيها الأمطار الموسمية، ووفرة المياه الجوفية، وتتميز خصوبة أرضها، وبالتالي الانتشار الكبير للمساحات الزراعية فيها. كما تتميّز المدينة بوجود العديد من المصادر الإقتصادية بالاعتماد على قطاعات الزراعة، والرعي، والتجارة، والخدمات.

وتشكل الزراعة القطاع الأهم، كما أدى انتشار غابات اشجار الهشاب حول المدينة إلى جعلها مصدراً مهماً لإنتاج الصمغ العربي، إلى جانب زراعة محاصيل مثل (القطن والتبغ والذرة الرفيعة والسمسم والدخن والبطيخ والكركدي والبامية)، وبعض الفاكهة مثل (المانجو والجوافة والباباي والبرتقال). بينما يأتي الرعي وتربية المواشي في المرتبة الثانية للموارد الاقتصادية في منطقة الجنينة ويشمل ذلك الأبقار والماعز والإبل. وتشكل التجارة بما فيها تجارة التجزئة المحلية وتجارة التصدير، مصدراً من مصادر الثروة والإنتاج بالمدينة، إلى جانب قطاع الخدمات المتنوعة.

اقتتال أهلي:

وخلال السنوات الأربع الماضية، أي منذ معارك نهاية العام 2019 وحتى مقتل الوالي (خميس ابكر) في يونيو 2023، شهدت الجنينة ما لا يقل عن أربع جولات من الاقتتال الأهلي. واستقبلت أكثر من وفد من الحكومة المركزية، حيث زارها، ابتداءً، الدكتور (عبدالله حمدوك)، رئيس الوزراء السابق، في مطلع عام 2020، ضمن وفد كبير، لتفقد الاوضاع وتهدئتها، واستعادة الأمن والسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار