السودان

تراجع الأوضاع الاقتصادية في السودان لأدنى مستوياتها جراء الحرب

تقرير: راينو

تدنت الأوضاع الاقتصادية بالسودان لأدنى المستويات إثر تداعيات الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل الماضي، مخلفة أوضاعاً كارثية علي معيشة المواطنين بولاية الخرطوم وإقليم دارفور. وأدت الحرب لخروج ولايات من الموسم الزراعي، أبرزها جنوب وغرب وشمال دارفور.

ركود اقتصادي:

وأجمع مهتمون على انعكاس الحرب على مُجمل الأوضاع الاقتصادية والزراعية، مشيرين لمردودها غير الإيجابي على حياة السكان المعيشية. وقال الخبير الاقتصادي (عصام دكين)، أن الوضع الاقتصادي بعد الحرب في 15 أبريل أختلف عما كان عليه في السابق، لافتاً لتوقع الاقتصاديون حدوث أزمة حادة طاحنه في شح السلع الغذائية، بسبب تعطل مصانع إنتاج السلع الاستهلاكية، متوقعين ألا تكفي لمدة 6 أشهر قادمة، مع توقف العاملين بمؤسسات الدولة الحكومية والقطاع الخاص التي أفرزت عطالة بأعداد كبيرة، ما قلل مصادر الدخل المالي. لكن ما حدث بعد الحرب بالسودان – بحسب دكين – جاء عكس التوقعات تماماً، حيث حدث وفرة كبيرة من السلع الاستهلاكية في ظل ركود اقتصادي سببه أحجام المواطنين على الشراء، مشيراً لارتفاع سعر العملة الأجنبية مقابل سعر الدولار، حيث ارتفع سعر الريال السعودي إلي أكثر من 200 جنيهاً، بينما شارف الدولار حوالي 1000جنيها، قبل أن يشهد انخفاضاً طفيفاً في الأيام الماضية. وعزا ارتفاع سعر العملة الأجنبية نتيجة لتوقف صادرات الذهب للخارج، وبلغ تصدير الماشية للسعودية (الهدي) لموسم الحج حوالي 20 ألف رأس فقط ما أدى لعدم دخول البلاد عملة أجنبية.

 وفي تصريح لراينو أوضح دكين أن من النقاط الجوهرية لاقتصاد الحرب الحالية غير المتوقعة هي توفر السلع الغذائية والاستهلاكية بمدن (بورتسودان ومدني وعطبرة وشندي ودنقلا)، وفي معبر (أرقين)، حيث توجد كميات كبيرة من سلع مستوردة من مصر والسعودية، خلفت (ركوداً) كبيراً، بسبب عدم إقبال المواطنين على الشراء، لانعدام مستوي الدخل، مستشهداً بتدني قيمة أسعارها، حيث أصبح جوال الدقيق بمبلغ 11الف جنيه بعدما كان أكثر من 20 ألف جنيه. وتابع:(إذا استمر الركود الحالي فلن يستمر التجار في الاستيراد من الخارج خوفا من الخسائر المالية).

ولفت دكين الانتباه إلى الأوضاع الاقتصادية في إقليم دارفور أصبحت عكس بقية الولايات، وتضررت سلباً لعدم وجود ترحيل لتلك الولايات، بسبب الأوضاع الأمنية في الطرق. مؤكداً دكين توقف قطاع العقارات بالخرطوم بنسبة أكثر من 65%، مما ساهم أيضاً في الركود الاقتصادي.

اتحاد أصحاب العمل والحرفيين:

من ناحيته أكد عضو اتحاد أصحاب العمل والأمين العام لاتحاد الصناعات الصغيرة بولاية الخرطوم (أسامة حسين) في حديث لراينو وجود 3 مليون حرفي و2 مليون عامل بولاية الخرطوم، جميعهم ليس لديهم مرتبات من الحكومة، وجميعا تضرروا من الحرب. وتابع:(إذا كانت نسبة دخلهم اليومي قبل الحرب تمثل 50(%)، فبعد الحرب تدنت نسبة الدخل الي (صفر%) لندرة العمل في الإنشاءات والمباني، وبالتالي أصبحت حياتهم في خطر، بينما نزح الكثيرين منهم للولايات المتاخمة للعاصمة الخرطوم وهي ولايتي الجزيرة ونهر النيل، مشيراً لتدني الدخل بتلك الولايات. فإذا كان نسبة الدخل المالي اليومي 50% فأصبح اقل من (25%)، الأمر الذي قلل من حرمان أسرهم من الفواكه والألبان للأطفال وتابع حسين:(صينية الوجبة الغذائية أصبحت تحوي ملاح وكسرة وخبز، وإن وضع فيها “سلطة”، فهي تمثل رفاهية).

وتوقع حسين إصابة أطفال العمال والحرفيين بالعديد من الأمراض لعدم وجود الوجبات الغذائية الكافية، خاصة مشتقات الألبان. لافتاً لانتشار حمى الضنك بولاية الجزيرة.

أوضاع الزراعة:

وعن الأوضاع الزراعية خلال الحرب، كشف ممثل المزارعين بإدارة مشروع الجزيرة (محمد سعيد)، عن عطش مساحات بنسبة (40%) من المساحات المزروعة بالذرة والفول والقطن، وهي الآن في مرحلة الحصاد بسبب تعنت المالية في ضخ الأموال لتطهير الترع من الحشائش، بجانب تداعيات الحرب التي علقت حركة المزارعين للمطالبة بحقوقهم، لافتاً النظر في حديث لراينو لاحتجاج المزارعين بإدارة المشروع على ضريبتي الري والإدارة. وتساءل (سعيد) عن كيفية دفع المزارعين لضريبة الري وزراعتهم عطشى.  ورجح سعيد زراعة حوالي 180 الف فدان من جملة 600 الف فدان بالقمح في نوفمبر المقبل، وعزا الأمر لعدم التحضير والتمويل من قبل المالية لزراعة القمح. وتوقع (سعيد) انخفاض مختلف إنتاجية المحاصيل بسبب الحرب، وعدم التزام المالية بما يليها تجاه المشروع إذ أثرت الحرب على كافة القطاعات وعلى رأسها القطاع الزراعي.

تقلص المساحات الزراعية:

وحول تأثير الحرب على القطاع الزراعي قالت الصحفية المهتمة بالشأن الزراعي (رحاب فريني) في تصريح لراينو:(نجد التأثير واضح فى هذا الموسم “الموسم الصيفي”، لجهة ان الحرب كانت فى منتصف أبريل المنصرم، والمعروف أن السياسة التمويلية والتحضيرات عادة تبدأ مبكرة، أي منذ شهر ابريل أو شهر مايو). وتابعت:(قد تأثرت المصارف الممولة للزراعة بعدم وجود حكومة فى المركز، كما إن الانشغال بالحرب لفترة طويلة، إضافة إلى تأثر الشركات التي تتعاقد مع المزارعين، كاد أن يفقد المزارعين الموسم الزراعي). وقالت رحاب أن الحكومة تداركت الموقف في وقت مفصلي، وبذلت جهود كبيرة للحاق بالموسم الزراعي. حيث تم اجتماع في ولاية الجزيرة ومن ثم ولاية القضارف ضم كل الجهات ذات الصلة (وزير المالية، محافظ بنك السودان، مدير عام البنك الزراعي، ولاة الولايات المعنية بالعروة الصيفية، إضافة إلى اللجنة المفوضة لمزارعي القطاع المطري. وزادت:(تم تكوين لجنة عليا لإنجاح الموسم برئاسة والى ولاية القضارف بزلت هذه اللجنة جهود لإنجاح الموسم الصيفي).

وكشفت رحاب في حديث لـ(راينو) عن تقلص المساحات الزراعية المقترحة بسبب الحرب، على الرغم من زراعة مساحات مقدرة، وتابعت:(الآن ظهرت آفات (الطير والجراد) فى ولايات (القضارف وكسلا والنيل الازرق وبعض المناطق فى ولايات كردفان)، حيث تمت المكافحة في ولاية النيل الأزرق، وبعض المناطق فى ولايتي كسلا والقضارف.

وأكدت خروج ولايات من الموسم الزراعي بسبب الحرب على رأسها (جنوب وغرب وشمال دارفور)، وزادت:(في رأيى أن نجاح الموسم أو فشله يحدد بعد عملية الحصاد، وحالياً بعض المحاصيل في مرحلة الحصاد، والبعض الآخر منها في مرحلة (الكديب).

بدورها قالت المواطنة (وفاق بابكر) أن الأوضاع المعيشية اليومية لأغلب الأسر السودانية تدهورت بنسب متفاوتة، نتيجة لتوقف أغلب الموظفين والموظفات والمهنيين بولاية الخرطوم ودارفور عن العمل، وتابعت:(حتي الأسر أوضاعها المعيشية في تحسن، بسبب التحويلات المالية للمغتربين).

وذكرت وفاق في حديث إلي راينو أن الهم الأول للمواطنين هو كيفية إنهاء الحرب بأي طريقة، حتى يعود النازحين إلى مناطقهم التي هجروها بسبب النزاع بين الجيش والدعم السريع، داعية طرفي النزاع إلى تحكيم صوت العقل وإنهاء الحرب، من أجل استقرار الإنسان السوداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار