السودان

أحمد تقد: البرهان غير راغب في السلام ويعمل على التصعيد العسكري

حوار: وكالة راينو

كشف الأمين العام لحركة العدل والمساواة أحمد تقد، عن وجود  موقفين للحركة من الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أثناء فترة رئاسة جبريل ابراهيم، الأول ظاهري هو الحياد والثاني باطني هو العمل مع الجيش والواجهات التي تعمل على تأجيج الصراع وتعكير صفو الواقع السياسي، داعيا قيادات الحركة للاعتذار للشعب عن تجاوزات الحركة ودور قيادتها في الفوضى التي حدثت بالبلاد .

وأشار الأمين العام لحركة العدل والمساواة احمد تقد في حوار خاص مع وكالة راينو لوجود أوضاع مزرية لحقوق الإنسان وانتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين أثناء الحرب وقال أن السودان مهدد بكارثة إنسانية ومجاعة وانهيار شبه تام للاقتصاد في ظل الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

(*) كيف تفسر آخر خطابين لقائدا الجيش عبد الفتاح البرهان والدعم السريع محمد حمدان دقلو، حيث أكدا اتجاههما نحو السلام وإنهاء الحرب؟

الناظر لمفردات الخطابين ونواياهما، يرى أن خطاب البرهان في الجمعية العامة للأمم المتحدة ذو اتجاهين، حاول فيه تحميل الدعم السريع مسؤولية الانتهاكات على الأرض، والأمر الآخر بأنه موجود ولديه اتجاه في الاستمرار في السلطة ويشكل حكومة يدير أعمالها، وخطاب البرهان ليس فيه جديد، أما حديثه عن الانتهاكات فهي مسؤولية الطرفين الجيش والدعم السريع، ولا يخفى لكل مشاهد ما يدور في الساحة من انتهاكات القوات المسلحة بالقصف العشوائي والقتل المخالفة للقانون الدولي الإنساني، وبالتالي لوم الطرف الآخر في إشارة للدعم لا يعفي البرهان من المسؤولية القانونية والسياسية، وبالتالي الانتهاكات موجودة لدى الطرفين، والاتجاه الأفضل هو بحث السُبل لوقف الانتهاكات والبحث عن خيارات السلام. وقد أكد الجانبين على ضرورة تحقيق السلام، لكن المؤشرات على الأرض تشير إلى أن البرهان غير راغب في السلام بل يعمل على التصعيد العسكري .

هل تتوقع مواصلة الجيش والدعم السريع الحوار في منبر جده التفاوضي أم هناك عقبات ستواجه الطرفين.

هناك دعوات متعددة من قبل الأطراف الدولية والدول الراعية لمفاوضات جدة، كما أن القوى الإقليمية تدعو للبحث عن السلام، والمخرج الوحيد من أزمة السودان الحالية هو الجلوس للتفاوض بدون شروط مسبقة، وبدون شروط سياسية لكسب الوقت، واطالة أمد الحرب.

(*) ما هو مستقبل السودان في ظل تطورات الحرب الجارية حالياً؟

لا أحد يستطيع التكهن إلى أين تسير الأمور، خاصة في ظل الأوضاع الحالية. لأن السودان أصبح على حافة الانهيار الاقتصادي جراء الحرب، والمواقف السياسية، وإطالة أمد الحرب من خلال توظيف بعض الواجهات التي حذرنا منها تكراراً قبل وقوع الحرب، وقبل انقلاب25 أكتوبر، نحن نعلم طبيعة الأوضاع الأمنية والاقتصادية المترتبة على الانقلاب.

مُستقبل السودان مظلم ومهدد بكارثة إنسانية والمجاعة على الأبواب في ظل تعطل دواوين الحكومة الرسمية ومنافذ الإيرادات والمضاربات الاقتصادية أوصلت حالة الانفلات في سعر العملة لأرقام مخيفة، وهناك فشل من قبل الدولة في ملف الاقتصاد ومواجهة التحديات التي تواجه المواطنين في ظل حالات من النزوح والهجرة القسرية، ونحن لا ندري إلى متى تستمر هذه الحالة وبالتالي لا يستطيع أحد التكهن بمستقبل طيب للسودان في ظل ظروفه الحالية لذا المطلوب مجهودات وطاقة أكبر من اجل  معالجة ما يمكن معالجته لإيقاف التدهور في كافة مناحي الحياة.

(*) كيف تنظر لتعهد رئيس المجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أمـام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنقل السلطة إلي الشعب السوداني وذلك بتوافق عريض وتراض وطني، تخرج بموجبه القوات المسلحة نهائياً من العمل السياسي ويكون تداول السلطة بالطرق الشرعية والسلمية المتمثلة في الانتخابات وأن تكون هناك مرحلة انتقالية قصيرة تدار فيها الدولة بحكومة مدنية؟

المتابع لسياسات ومواقف البرهان تجاه الأوضاع في السودان منذ استيلائه على السلطة بعد ثورة ديسمبر يلحظ عدم رغبة البرهان في التخلي عن السلطة، بل لعب دوراً أساسياً في تعكير الحياة السياسية، والإطاحة بالوضع الدستوري بعد قيامه بالانقلاب. كما لعب البرهان دوراً كبيراً عبر واجهاته السياسية التي أسهمت في إطالة عدم الاستقرار السياسي، وذلك عبر تحريك قواعد اجتماعيه، مُستشهداً بما حدث في شرق السودان بإغلاق الطرق،  مع إطالة أمد الصراع من خلال توظيف بعض الواجهات السياسية بالساحة لخلق ظروف غير مواتيه للتوافق حول أي اتفاق سياسي يمكن الأطراف السودانية من الخروج إلى بر الأمان، هذا إلى جانب دورهم الكبير في إشعال الحرب الحالية، بالتالي اعتبر حديث البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يمكن أخذه مأخذ الجد، لأنه ليس لديه الرغبة في نقل السلطة للشعب، ولا يريد توافق سياسي عريض، وكل ما يريده البرهان هو تشكيل  حكومة تحت سيطرته الشخصية، تمكنه من الاستمرار في السلطة، والبحث عن شرعية جديده من تحت أنقاض الدمار الذى حصل في البلاد.

(*) ما هو تقييمك لدور المجتمع الدولي والأمم المتحدة نحو تحقيق السلام وإنهاء الحرب؟

المجتمع الدولي مهتم جداً بما يجري في السودان، وكذلك المجتمع الإقليمي. ورأينا الاتحاد الافريقي والإيقاد ودول الجوار لديهم نشاط محموم في البحث عن الطرق الكفيلة لتحقيق السلام ووقف الحرب. هناك العديد من المبادرات لكن للأسف المجتمع الدولي لا يملك كروت ضغط كبيرة على الأطراف المتحاربة، لكن المطلوب هو الاستمرار في هذه الجهود، نحو ضغط طرفي الصراع، وكذلك الكتل السياسية المختلفة، من أجل البحث عن صيغة مشروع وطني سياسي شامل ،يمكن الأطراف السودانية من الدخول مجتمعه في مفاوضات سياسية شاملة تخاطب كافة المشاكل وتنهى الحرب، وتمهد الطريق للانتقال والتحول المدني الديمقراطي.

(*) هل حقق قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أي مكاسب سياسية في زياراته الخارجية لمصر وتركيا وجنوب السودان وقطر وبقية الدول؟

المتابع لعمل الدبلوماسية السودانية بعد اندلاع الحرب يجد أنها  كانت دون المستوي المطلوب، والعلاقات السياسية معطلة تماماً مع دول الجوار إثيوبيا ويوغندا وتشاد من خلال المواقف السياسية، وتدل على أن الدبلوماسية فشلت في أن تحصل على اختراق دبلوماسي يحقق مكاسب سياسية تخدم مشروع الوطن الكبير، وربما تكون زيارات البرهان هي محاولات للبحث عن منافذ لتصحيح العلاقات مع تلك الدول نتيجة للتصريحات المضطربة من بعض المسؤولين السودانيين خلال الفترة الماضية،  ومع هذا أعتبر أن زيارات البرهان الخارجية لم تأت بجديد في فتح صفحه جديدة للتعامل مع السودان، لذا المطلوب تغير بعض السياسات لكسب “ود ” تلك الدول، لفتح صفحة جديدة معها وتحسين العلاقات معها.

(*) ماهي الجهات الفاعلة محليا واقليمياً التي يمكن أن تنهي الحرب؟

دول الإقليم كلها مطلوب منها أن تلعب دور كبير من خلال الاتحاد الأفريقي والايقاد ومجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي،  ومن خلال دول الترويكا المهتمة بالشأن، وهي مجتمعه مطلوب أن تلعب دوراً كبيراً في تحريك الأمور، وإنهاء الحرب .

(*) البعض يشير لوجود أطراف اقليمية لها تأثيرها المباشر في الحرب؟

السودان بعد ثورة ديسمبر أصبح متجاذب من قبل محاور مختلفة، ولا شك أن هذه المحاور لديها تأثير كبير في رسم سياسات مواقف الأطراف السودانية المتصارعة، بالتالي إشراك كل الأطراف المعنية بالصراع القريبة منها والبعيدة مسألة مهمه، لإعادة الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية لطبيعتها.

(*)هناك اتهام للحركة الإسلامية بأنها وراء إشعال وتأجيج الحرب؟

للحركة الإسلامية منسوبيها في الأجهزة الأمنية المختلفة، وواجهاتها لهم دور كبير في الحرب والاستعداد والتمهيد لها، وتحريك قواعدها. وتصريحات منسوبي الحركة معلومة للجميع، والمتابع اللصيق للأحداث يعلم تماماً أن للحركة دور كبير في إشعال الحرب، وهم جميعا أججوا الصراع وأدخلوا السودان في هذه الورطة.

(*) ما هو مستقبل اتفاقية جوبا للسلام (2020)؟

إتفاق سلام جوبا انتهي بعد انقلاب 25 أكتوبر، ونحن نصحنا الذين كانوا يخططون للانقلاب بأنها خطوة ستدمر اتفاق جوبا ونضالات الهامش الكبير، وتضيع مكاسب الاتفاق في تحقيق السلام، لكن كانت المطامع والمطامح الشخصية هي الغالبة، وبالتالي وقع الانقلاب، وما عاد للاتفاق أي دور في المشهد السياسي مهما تحدث الناس. والمواقع التي يشغلوها الآن هي عبارة عن موازنات سياسية لا أكثر ولا أقل ولا أرى أي مستقبل لاتفاق سلام جوبا بالرغم أنني أحد صانعيه، بل مهندسه.

(*) كيف تقيم أداء حركة العدل والمساواة بصورة عامة تجاه الحرب؟  وهل كانت لها مساع نحو إنهاء القتال بين الجيش والدعم السريع ؟

الإعلان الظاهري للحركة أثناء قيادة (جبريل إبراهيم) يقضي بأنها محايدة، لكن الموقف الباطني هو الانحياز الكامل مع الجيش، والعمل مع الواجهات الأخرى التي تعمل مع الجيش في إشعال الحرب، ولهم دور كبير في تأجيج الصراع وتعكير صفو الحياة السياسية في السودان، لذا يجب على حركة العدل والمساواة الاعتذار للشعب السوداني عن دور قيادتها في الفوضى التي حصلت بالبلاد، ونحن نحمل قيادة الحركة والذين معهم وأعني الحركة الإسلامية مسؤولية إشعال وتأجيج الحرب وتعكير صفو الحياة السياسية.

(*) ثمة تحولات كبرى حدثت في الحرب، أبرزها تحول النقاش من أجندة إصلاح الجيش ودمج الدعم السريع إلى الحديث عن تأسيس وبناء جيش جديد ماهي دوافع ذلك وإمكانية تحقيقه؟

الحديث عن جيش واحد حديث طويل، وحديث سياسي مطروح في الساحة، ولكن لابد في نهاية المطاف من وجود جيش وطني قومي ومهني يعبر عن تنوع السودان، ويقوم على أسس سليمة، وبعقيدة وطنية واضحة، بعيداً عن التسييس وعن الأجندة السياسة، والضرورة تقتضي فعل ذلك. وبعد الحرب لابد من إعادة صياغة تركيبة الأجهزة الأمنية كلها، فليس هناك قوات مسلحة وأجهزة نظامية بذات الفهم القديم، بالتالي آن الأوان لإعادة ترتيب المنظومة الأمنية والعسكرية، وأقول أن الدعم السريع جزء أصيل من القوات النظامية، ولا يمكن التغافل عن دور الدعم السريع في الذي حصل، والآن نحن في مرحلة إعادة ترتيب المنظومة الأمنية والعسكرية عبر اتفاق سلام شامل يخاطب هذه القضايا وينهي الحرب ويضع الأسس السليمة لبناء جيش وطني قومي قائم على التعددية الموجودة في السودان، بعيداً عن الجهوية والقبلية والسياسية لمجموعات تهيمن على منظومات الأجهزة الأمنية، وحتي تكون المنظومة العسكرية قائمة على ركائز وطنية واضحة، ومعبرة عن تنوع الشعب.

(*) ذكر مراقبين يرون أن الدعم السريع حقق انتصارات عسكريا وميدانيا لكن تهم الانتهاكات المدنية حدت من التعاطف معه وقللت من الالتفاف حوله؟

من الواضح أن الدعم السريع ومن خلال المشهد على الأرض فهي المسيطرة ولا تخطئها العين المجردة عدا تمركز الجيش في مواقع محدده وكل يوم الجيش يفقد أراضي كبيرة والدعم السريع متقدم بوتيرة ثابته

يري بعض المراقبين أن أي من الطرفين الجيش ولا قوات الدعم السريع لم يتمكن انتصار ساحق، إذ تصطدم هيمنة قوات الدعم السريع على الأرض في العاصمة الخرطوم بنيران سلاح الجو.؟

القصف الجوي تسبب في أذي الكثير من المواطنين لعدم التميز الواضح بين الأهداف المدنية والعسكرية كما خالف قواعد الاشتباكات والقانون الدولي الانساني وهي عملية تحتاج لمساءلة في نهاية المطاف،  ولكن الاداء العام  للجيش جعل الشعب يعيد النظر متسائلا هل هناك مؤسسة عسكرية حقيقية بهذا المعني التى دفع الشعب من دم قلبه لهذه المؤسسة التي ظلت سبباً في الحروب على مدي عقود من تاريخ السودان الحديث .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار