السودان

مطالبات بتمديد ولايتها.. هل تنجح الجنائية الدولية في وقف حرب السودان؟

تقرير : راينو

في الثالث عشر من يوليو 2023،  قررت المحكمة الجنائية الدولية بدء التحقيق فيما وصفته بـ الانتهاكات المروعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في ولاية غرب دارفور، وأعلن المدعي العام للمحكمة في 13 يوليو الماضي عن آخر تحقيق أجراه مكتبه حول انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم دارفور خلال الحرب المشتعلة في السودان منذ 15 إبريل 2023. يستند التحقيق إلى الإحالة السارية الصادرة من مجلس الأمن في 2005 وهي مقتصرة فقط على ولايات دارفور الخمس، للتحقيق في الجرائم التي تدخل في النطاق القضائي لولاية المحكمة الجنائية الدولية، مثل جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

حرب دارفور:

شهدت ولايات دارفور في العام 2003 جرائم حرب بين الحكومة المركزية في الخرطوم ومجموعات مسلحة رفعت السلاح بحجة التهميش، عمل نظام الرئيس المعزول عمر البشير على الاستثمار في الصراعات القبلية التي تفجرت في الإقليم، فكانت إبادات القرى تتم وفقاً لأسس عرقية، وراح ضحية ذلك الصراع مايقدر بـ”400″ ألف شخص، لتتحول قضية دارفور إلى مجلس الأمن وتمت إحالة القضية لمحكمة الجنايات الدولية وصدر القرار رقم 1593 في مارس 2005 الخاص بمذكرات اعتقال بحق خمسة أفراد على رأسهم الرئيس المعزول “عمر البشير” وزير الداخلية “أحمد هارون” القائد العام لحركة العدل والمساواة “عبد الله باندا” وزير الدفاع السابق “عبد الرحيم محمد حسين”، والقائد بمليشيا الجنجويد “علي كوشيب” وذلك لوجود أدلة على ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية. وكانت محكمة الجنايات الدولية أعلنت في يونيو 2021 أن زعيم “الجنجويد” علي محمد علي الشهير ب”علي كوشيب” سلم نفسه وبدأت محاكمته بتوجيه الاتهام بارتكاب 13 من الجرائم المصنفة لدى المحكمة الجنائية الدولية.

تمديد ولاية الجنائية:

مع تمدد رقعة الحرب، وانتشارها في %80 من مساحة السودان، ارتفعت الحاجة لتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كل السودان وتواكب انتهاكات حقوق الإنسان في كل ولاياته. وكان الاتحاد الإفريقي خلال الإسبوع الماضي، طالب بحظر السلاح ونشر قوات لحفظ المدنيين، فيما توقع أيضاً اصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال جديدة بحق مسؤولين جدد على خلفية الحرب الحالية.

ورحّب رئيس حركة العدل والمساواة السودانية د. سليمان صندل بتوصية بعثة تقصي الحقائق الأممية في السودان بنشر قوات أممية لحماية المدنيين، وكذلك توسيع ولاية المحكمة الجنائية لتشمل كل السودان ، وجدد صندل في تغريدة له على حسابه الشخصي في منصة “X ” تأكيده على ضرورة أن تنشط المحكمة الجنائية الدولية، في المطالبة بتسليم المتهمين “عمر البشير، أحمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين”.

وسيلة ضغط:

وفي ظل حالة التباطؤ التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الأزمة السودانية، تظل كل الأدوات الممكنة للمساعدة في وقف الحرب مجربة وغير فعالة، بما فيها سلاح المحكمة الجنائية الدولية. وقال عضو محامو الطوارئ والناشط الحقوقي “عثمان البصري” لـ”راينو” إن  تمديد قرار ولاية المحكمة الجنائية الدولية ليشمل كل السودان ممكن أن يساهم في وقف الحرب بطريقة غير مباشرة وتعتبر واحدة من أدوات الضغط على طرفي الحرب، لنظراً لتخوفهم من صدور أوامر توقيف بحقهم، وأضاف البصري أن  وقف الحرب يحتاج لفعل سياسي بينما محكمة الجنايات الدولية فعل جنائي فقط.

العدالة الإنتقالية:

ويشير “البصري” إلى أن كل المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية وفق القرار 1593، إجرائياً كل الإجراءات مكتملة، لكن تظل العقبة في عدم استجابة الحكومة السودانية أوامر القبض الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية وتسليم المطلوبين بتحديد أماكن تواجدهم وتسليمهم، كما يمكن للمتهمين تسليم أنفسهم مثلما فعل “علي كوشيب”.

عدم وجود محاكمات عادلة تنصف الضحايا وأسرهم، ساعد في استمرار الانتهاكات بحقوق الانسان، وظلت عملية الإفلات من العقاب هي الحالة المستمرة في كل الحكومات، وبحسب المحامي “عثمان البصري” أن مسألة عدم الإفلات من العقاب تحتاج لتشريعات تتضمّن القوانين الدولية والالتزام بالمعاهدات التي وقع عليها السودان وبالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان” وقال “إن العدالة تتطلب محاسبة كل من أجرم في حق الشعب السوداني منذ الاستقلال وحتى جرائم الحرب الحالية ووضع حد للإفلات من العقاب محتاج للإرادة السياسية وتطبيق القوانين ومحاسبة المجرمين عبر العدالة الجنائية أو عدالة انتقالية تشمل ماضي وحاضر السودان من ثم وضع أسس دولة جديدة تحترم حقوق المواطنة”.

ضغوط نافذي العالم:

اعتمد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما 1998 وشكل هذا الحدث تطوراً كبيراً رحبت به اللجنة الدولية للصليب الأحمر واعتبرته خطوة مهمة نحو ضمان عدم إفلات مقترفي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية من العقاب، لكن تواجه المحكمة الجنائية الدولية ضغوطات كبيرة تحول دون تحقيق العدالة المطلوبة، وكان المدعي العام للمحكمة كريم خان أشار لذلك في مايو الماضي قائلاً: “لن أرضخ لنفوذ أقوياء العالم” في إشارة لتهديدات تواجهه في قضايا عدلية مرتبطة بحرب أوكرانيا وفلسطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار