السودان

التيار الاسلامي العريض .. صراع التيارات يضرب الحركة الإسلامية

تقرير: راينو

بعد عرقلة كل جهود التحول المدني الديمقراطي في السودان وإشعال حرب 15 أبريل، تعمل الحركة في السودان هذه الأيام على تصعيد من نوع آخر في اتجاه قطع الطريق أمام محاولات وقف الحرب وجر البلاد إلى الانقسامات الخطيرة. وأعاد ما يسمى بـ”التيار الإسلامي العريض” إنتاج نفسه، فاختار الأمين العام لتنظيم الحركة الإسلامية، “علي كرتي”، رئيساً له.

مكونات وأجسام:

 ويتكون التيار الإسلامي من الحركة الإسلامية، ومنبر السلام العادل، وحركة الإصلاح الآن، وفصيلين من جماعة الإخوان المسلمين، وحزب دولة القانون والتنمية، إلى جانب تحالف العدالة القومي، وتيار النهضة، ومبادرة وحدة الصف.

ويشير اختيار “كرتي” إلى وجود انشقاق داخل تنظيم الحركة الإسلامية، خاصة بين الجناح الذي يقوده “كرتي” وجناح “إبراهيم غندور”، وعدد من حلفائه ممّن لهم صلات بحزب المؤتمر الوطني المحلول، وهي المجموعة التي تحاول إنقاذ الإخوان من ورطة الحرب، فيما يقود “كرتي” التيار المعارض لوقف الحرب.

صراع التيارات:

ربما التقديرات الخاطئة لإشعال الحرب والنتائج غير المتوقعة التي واجهت الحركة الإسلامية وهي تخوض حرب السلطة، ذلك ما جعل الانشقاقات تطفو إلى السطح، وتفرقت الحركة الإسلامية إلى مجموعات، بالرغم من وجودهم داخل المشهد الحربي ككتلة واحدة تعمل على التعبئة والاستنفار، إلا أنهم في حقيقة الأمر ليسوا على قلب رجل واحد، يتصارعون فيما بينهم كلما أحسوا بالخطر يقترب من مصالحهم، ومن هذه المجموعات أشدها تطرفاً بقيادة “علي كرتي” وزير الخارجية السابق خلال حكم “البشير”، وهو يمثل المجموعة التي تسيطر على قيادة الجيش، وتضع له العراقيل أمام أي محاولات لإنهاء الحرب عبر عملية سلمية، حفاظاً على مكتسباتهم بسبب الحرب، وهي لحالة الأمثل لاستمرارية تسلطهم وتحكمهم في مصير البلاد.

 وتوصف مجموعة كرتي بأنها تمثل التيار الأمني والعسكري داخل الإسلاميين، وظلت متنفذة في أجهزة الحكم طيلة الثلاثة وثلاثين عاما من عمر حكمهم للسودان، وكان صوتها هو الأعلى.

مجموعة أخرى يقودها القيادي بالمؤتمر الوطني “إبراهيم غندور” وهي المجموعة التي تسعى للبحث عن مخرج من ورطة الحرب بعد أن فقدت الحركة الإسلامية عدد من قادتها وأموالها، بل فقدانها السيطرة على أكثر من 70% من الأراضي السودانية، وكان غندور قد تحدث عن وقف الحرب بخطاب معتدل ركز فيه على ضرورة البحث عن جذور المشكلة، ودعا لإجراء تحقيق بواسطة لجنة وطنية لمعرفة كيف انطلقت الحرب ومن كان البادئ وما هي أَسبابها؟، وأكد في تغريدة على موقع إكس قائلاً : “في تاريخ السودان هناك وسائل عديدة أوقفت الحروب والقتال، لكن يجب أن نحل المشكلة من جذورها وأنا في هذا السياق أتحدث إلى الجميع”. وتابع قائلاً: “لا للحرب إن لم تقع لكنها وقعت وفيها مدافعة واجبة، يجب أن تقف الحرب ولكن تتوقف، وتحتها “عشرة خطوط”، بأن تنتفي كل أسباب اندلاعها”

أما المجموعة الثالثة بقيادة القيادي بالحركة الإسلامية علي عثمان محمد طه، يسانده في التعبئة والاستنفار القيادي بالأمن الشعبي عبد الله إدريس، وبحسب معلومات “SBC” إن المجموعة تتلقى الدعم السياسي والمالي والإعلامي من مجموعة القيادات الاسلامية بتركيا.

راديكالية التيار الإسلامي:

يرى القيادي بحزب الأمة “محمد الأمين عبد النبي”، أن اختيار “كرتي” لرئاسة التيار الإسلامي العريض خطوة روتينية وعادية في إطار عملية التناوب وتبادل الأدوار بين مكونات التيار. ويستدرك “عبد النبي” قائلاً “لكن رئاسة كرتي في هذه الدورة ستجعل التيار أكثر راديكالية وستجلب له مزيداً من السخط والعزلة وسوف تزيد حدة الاستقطاب بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، سيما وأن التيار الإسلامي العريض مقدم نفسه على حساب المؤتمر الوطني عقب انقلاب 25 أكتوبر كحاضنة وظهير سياسي للانقلاب في محاولة للثورة المضادة، وبعد ذلك تبنت الحركة الإسلامية والتيار الإسلامي العريض القوة الصلبة والانخراط في الحرب والعمل على استمرارها والتأثير على الجيش وقراراته في الحرب ورفض أي تفاوض، وتسخير الآلة الإعلامية لدعم الحرب، وقيادة العمل السياسي والدبلوماسي في الحكومة في بورتسودان كحاضنة للجيش، يجعلها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن كل الجرائم التي ارتكبت في هذه الحرب والوضع المأساوي الإنساني”. ورطة الحرب:

ويشير “عبد النبي” في تصريح لـ”راينو”، إلى أن رئاسة “علي كرتي” حتماً سيكون لها أدوار جديدة باسم التيار الإسلامي وتأثير على مجريات الحرب، وبحسابات الربح والخسارة سوف يخسر التيار الإسلامي العريض بهذه الخطوة بتوريط التيار أكثر في الحرب والشمولية والعنف والشطط وسوف يبرز التناقضات داخل التيار لأنه مازال في طور التنسيق.

وبحسب “محمد الأمين عبد النبي”، فإن الصراع داخل تيارات الإسلاميين أصبح على المكشوف، بل ستجهض هذه الخلافات كل محاولات الإسلاميين المعتدلين في الإصلاح.

مضيفاً “فبدلاً من أن تقيم التجربة وتقدم مراجعات فكرية وسياسية عميقة تجعل التيار الإسلامي جزء من السلام وقف الحرب والانفتاح على القوى المدنية والمساهمة في البناء الوطني، نجده مع سبق الإصرار والترصد يختار الطريق الخطأ وتكرار اسلوبه القديم الداعم للانقلابات والحروب والشمولية وتقسيم البلاد، وسيجلب مزيد من الدمار والخراب للوطن.

تحالف غامض:

من جانبه يقول الصحفي والمحلل السياسي “الجميل الفاضل” إن ترأس علي كرتي للتحالف الغامض، المسمى بـ”التيار الاسلامي العريض” الذي كان على رأسه قبل الحرب القيادي الداعشي “محمد علي الجزولي”، يثير كثير من الاستفهامات حول مدى سعة ھذا التحالف، وما إذا كانت عضويته تقتصر على مكونات سودانية، غير عابرة للحدود.

ويضيف “الفاضل” إذ أن ترأس “الجزولي” القائد السوداني المبايع لزعيم تنظيم الدولة “أبوبكر البغدادي” يمكن أن يلقي بظلال من الشك حول طبيعة ھذا التحالف ونوع مكوناته، ومدي أهمية ودلالة جمع أمين عام الحركة الاسلامية “كرتي”، بين رئاسة “التيار الاسلامي العريض” إلى جانب قيادته للحركة الاسلامية في ھذا المنعطف التاريخي الخطير، الذي تمر به البلاد الغارقة في أتون حرب وكوارث وأزمات متشابكة ومتداخلة.

ولذا فان امساك كرتي – الذي يعتقد أنه من يدير فعلياً الحرب الجارية حالياً – بمقود التحالف في ھذا التوقيت، يعطي انطباع بإن ھذا التطور سينعكس بشكل أو بآخر على وتيرة وطبيعة الحرب نفسها، فالحرب التي فرضت على السودانيين، يبدو أنها قد وحدت صف الإسلاميين خياراً أو اضطراراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار