السودان

عبد الله حمدوك لـ”الشروق”: استمرار الحرب يهدد بانهيار السودان ويوفر ملاذاً للجماعات الإرهابية.

حوار – سمر إبراهيم

قال الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني السابق، ورئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودانية “تقدم” إن جهود القوى المدنية لرأب الصدع في السودان بدأت قبل الحرب واستمرت عقب اندلاعها، عبر مخاطبة طرفي النزاع بضرورة وقف الحرب والجلوس إلى طاولة الحوار لحل المشاكل عبر التفاوض، مشيراً إلى استمرار محاولات “تقدم” حتى هذه اللحظة لحمل الطرفين إلى وقف الاقتتال.

وأضاف حمدوك في حوار خاص لـ”الشروق” أن جهود مصر التي تبذلها من أجل السودان، ومساعيها لوقف الحرب ليست جديدة ولا المرة الأولى، وبالفعل تلقت “تقدم” دعوة من الحكومة المصرية لحضور مؤتمر بالقاهرة حول الأزمة السودانية وتم قبول الدعوة، ونأمل أن تسهم هذه المبادرة في وقف الحرب ومعالجة الكارثة الإنسانية، فإلى نص الحوار.

 المجاعة تهدد نحو 25 مليون سوداني، وأدعو الأمم المتحدة لتحمل مسئوليتها الإنسانية تجاه شعبنا

(*) ما آخر تطورات جهودكم لوقف الحرب الدائرة في السودان وتحقيق السلام؟

مما لا شك فيه، أن مجهودات القوى المدنية قد بدأت قبل تفجر الأوضاع واندلاع الحرب في السودان، لا سيما أن مؤشرات حدوثها كانت واضحة لجميع المراقبين للمشهد، فقد قدمنا خلال الفترة الانتقالية ثلاث مبادرات لرأب الصدع بين القوى المتنازعة، لكن لم نوفق في منع تفجر الأوضاع.

وعقب اندلاع الحرب لم تتوقف مجهوداتنا، وبعد ساعات فقط بدأنا في مخاطبة طرفي النزاع بضرورة وقف الحرب والجلوس إلى طاولة الحوار لحل المشاكل عبر التفاوض واستمرت محاولاتنا لحمل الطرفين إلى وقف الاقتتال حتى هذه اللحظة، كما قمنا بالاستعانة في ذلك بكل الأصدقاء في دول الجوار وفى دول العالم المختلفة للتأثير على الأطراف المتحاربة.

أما بشأن آخر تلك المجهودات، فسيكون الحوار الذي دعت إليه الشقيقة مصر، والذى نعول عليه كثيراً نظراً لما تتمتع به مصر من علاقات قوية مع مختلف الأطراف في السودان.

وفى هذا الصدد، نشير إلى المجهودات التي ظلت تبذلها القوى المدنية في المجال الإنساني، والتي نأمل أن تثمر عن تخفيف معاناة الملايين من أبناء الشعب السوداني في المنافي والملاجئ والمحاصرين تحت نيران الحرب بالداخل، وفى هذا الإطار نتقدم بالشكر لمصر حكومة وشعباً على الدور العظيم الذى بذلته لاستقبال وإيواء مئات الآلاف من السودانيين الذين اضطرتهم ظروف الحرب للنزوح إلى الأراضي المصرية، وما زلنا نناشد الأشقاء في مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي بتقديم المزيد من الدعم والمساندة لهؤلاء اللاجئين الذين نأمل ونتوقع ألا تطول رحلة معاناتهم، ونراهم قريباً في وطنهم، وهم يحملون كل معانى الود والوفاء والامتنان للدور العظيم الذى قامت به مصر.

 نأمل بمساهمة مؤتمر القاهرة في وقف الحرب بالسودان ومعالجة الكارثة الإنسانية

(*) تم تداول أنباء خلال الأيام الماضية عن موافقة الجيش السوداني على عقد لقاء مع “تقدم” للتشاور بشأن سبل وقف الحرب.. فهل بالفعل الجيش وافق على اللقاء؟ ومتى؟ وأين؟ سيتم انعقاده؟

لا علم لنا بذلك، لكن منذ أكثر من 6 أشهر قدمنا دعوة للجلوس والتفاكر مع قائدي الجيش والدعم السريع وقد تمت الاستجابة من قبل قائد الدعم السريع وتم اللقاء والاتفاق على ضرورة وقف الحرب ومناقشة عدد من القضايا التأسيسية التي كانت سببًا في عدم استقرار السودان منذ الاستقلال.

وما زلنا نترقب قبول قيادة الجيش دعوتنا للجلوس معاً ويسعدنا أن نسمع منهم ما يؤكد تلك الموافقة من أجل مصلحة الوطن والشعب السوداني.

(*) رحبت “تقدم” بقرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي لا سيما إنشاء آلية رئاسية رفيعة المستوى بقيادة الرئيس الأوغندي لترتيب اجتماع مباشر بين قيادة الجيش والدعم السريع للتفاوض على وقف عاجل لإطلاق النار، هل ترى أن تلك الدعوة يمكن أن تحقق اختراقاً ملموسًا؟ وهل تلك الخطوة لن تكون عائقاً أمام المبادرة المصرية وكذلك منبر جدة خاصة أنكم حذرتم من قبل من أضرار تعدد المنابر التفاوضية؟ وهل ستشاركون في دعوة الاتحاد الإفريقي إلى حوار “سوداني – سوداني” في منتصف الشهر الحالي؟

انعقاد اجتماع لمجلس السلم والأمن الإفريقي حول السودان على مستوى الرؤساء يعكس الاهتمام الذي يوليه القادة الأفارقة بالأزمة السودانية، وقد اتخذت القمة قرارات مهمة وجريئة رحبنا بها، ومن بينها الخطوة المتقدمة للغاية بتكوين لجنة من الرؤساء بقيادة الرئيس الأوغندي يوري موسفيني للترتيب للقاء الطرفين المتحاربين، وهو أمر في غاية الأهمية تدعمه وتشجعه “تقدم”.

أما بشأن علاقة ذلك بالمبادرات الأخرى، نذكر أن بيان مجلس السلم والأمن الإفريقي، رحب بالاجتماع الذي دعت له مصر في إطار التكامل مع مبادرة منظمة الإيقاد والاتحاد الإفريقي، وكذا الأمر بالنسبة لمنبر جدة. والتكامل بين هذه المبادرات هو أمر جيد، أما ما ظللنا نحذر منه هو تعدد المبادرات المعزولة التي تشجع بعض الأطراف على “التبضع” في المنابر هروبًا من مسئولية اتخاذ القرار السليم بوقف الحرب.

تنسيقية تقدم تدعم جهود ترتيب لقاء بين البرهان وحميدتي برعاية الاتحاد الإفريقى

(*) كيف ترى “تقدم” الطرح المصري بشأن جمع القوى السياسية؟ وماذا عن مشاركتكم به؟ وما أبرز القضايا التي ستتم مناقشتها خلال تلك الاجتماعات؟

جهود الشقيقة مصر التي تبذلها من أجل السودان، ومساعيها لوقف الحرب ليست جديدة ولا المرة الأولى، فقد سبق أن بادرت مصر بعقد قمة دول الجوار السوداني، كما شاركت في الآلية الموسعة للاتحاد الإفريقي، وكذلك في مفاوضات المنامة.

وبالفعل تلقت “تقدم” دعوة من الحكومة المصرية لحضور هذا الاجتماع بالقاهرة حول الأزمة السودانية وقد رحبنا بها، وتم قبول الدعوة ونأمل أن تساهم هذه المبادرة في وقف الحرب ومعالجة الكارثة الإنسانية.

(*) هل ترى أن مفاوضات جدة سيتم انعقادها قريبًا كما وعد المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان أم أنه ما زالت هناك عقبات تُحيل دون قيام المنبر مرة أخرى؟

تابعنا منذ فترة تصريحات المبعوث الأمريكي حول استئناف اجتماعات منبر جدة، لكن ليس لدينا أي معلومات عن التطورات فنحن لسنا طرفاً في هذا المسار.

 ليس لدينا أي معلومات عن تطورات منبر جدة، ولسنا طرفاً في هذا المسار

(*) بشأن المائدة المستديرة التي طرحتها “تقدم”، ما أبرز أهدافها؟ وهل ترى أنها ستتمثل اختراقًا حقيقيًا بشأن لمّ شمل القوى السياسية؟ ويمكن أن تكون خطوة لاحقة عقب المؤتمر التي دعت له مصر؟

المائدة المستديرة تعبير صادق على الحرص والإرادة السياسية لدى “تقدم” للعمل مع الآخرين بمرونة تمليها المصلحة العليا للسودان بما يقرب

وجهات نظر أبناء الوطن وتوحيد الصف، فأعظم انجازات شعبنا عبر التاريخ تحققت في اللحظات التي توحدت فيها كلمتهم.

والمائدة المستديرة تهدف إلى معالجة جذور الأزمة التاريخية المركبة والتي كانت وراء الحروب الدائرة على مدى أكثر من 60 عاماً، وأدت إلى انفصال جزء عزيز من الوطن، ومن ثم نأمل أن يتمكن أبناء السودان عبر المائدة المستديرة من وضع حد للحروب وعدم الاستقرار والأراضي على تأسيس وطن يسع جميع أبنائه على أساس المواطنة المتساوية في ظل دولة ديمقراطية مدنية.

 تعدد المبادرات المعزولة يشجع بعض الأطراف على الهروب من مسئولية اتخاذ قرار وقف الحرب

(*) هناك الملايين من اللاجئين السودانيين في دول الجوار وكذلك النازحين داخلياً والأطفال المهددون بالجوع في مناطق مختلفة ومع ذلك ليس هنالك اختراق للأزمة الإنسانية. وفى ظل علاقاتكم القوية بالمجتمع الدولي، كيف سيتم التعامل مع تلك الأزمة من جانبكم؟ وكيف يتم التغلب على معوقات وصول المعونات الإنسانية بسبب النزاع المسلح؟

استمرار الحرب لا يطيل فقط معاناة الشعب السوداني، بل يهدد بانهيار السودان كدولة، وإن حدث ذلك سوف تشكل هذه المساحة الشاسعة بالحدود المفتوحة مرتعاً وملاذًا لكل الجماعات الإرهابية والمتطرفين ويدفع ملايين السودانيين إلى اللجوء بصورة تهدد دول الجوار، التي تستضيف حالياً أكثر من مليوني لاجئ بل ستجد أوروبا نفسها أمام ظاهرة لجوء جماعي لم تشهدها من قبل، وحين ذلك لن يجدي الحديث عن تهديد الأمن والسلم الدوليين.

وفى ظل الأزمة الراهنة، فإن أكثر ما يؤرقنا هو الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم اليوم، حيث تهدد المجاعة أكثر من 25 مليون سوداني في وقت ينصب اهتمام العالم بأزمات أخرى، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مؤتمر باريس بجانب ما حققه من مساهمات مالية، قد سلط الضوء على الأزمة الإنسانية السودانية المنسية، لذلك نعرب عن شكرنا العميق لكل من “فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي” على تنظيم المؤتمر.

ولكن الأزمة تكمن في عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية، واستخدام الغذاء كسلاح في الحرب يعد مخالفة صريحة للقانون الإنساني الدولي، ويشكل جريمة حرب يحاسب عليها المسئولون عنها، ولذلك نطالب طرفي الحرب بإزالة كل المعوقات أمام إيصال الإغاثة للمواطن السوداني عبر دول الجوار وعبر خطوط المواجهة، كما أدعو الأمم المتحدة لتحمل مسئوليتها الإنسانية تجاه الشعب السوداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار