السودان

سنجة في قبضة الدعم السريع .. الأسباب والأهمية الاستراتيجية للمدينة

تقرير: راينو

بذات السيناريو الذي سقطت به عاصمة ولاية الجزيرة “ود مدني” في قبضة قوات الدعم السريع ديسمبر الماضي، سقطت أمس السبت “سنجة” عاصمة ولاية سنار، وكان السيناريو واضحاً منذ أيام عندما توغلت قوات الدعم السريع في منطقة “جبل موية” غرب سنار وسيطرت عليها، فيما لا يزال الجيش يمارس الإنكار المتكرر عند سقوط أي مدينة. وتطورت الأوضاع بشكل سريع بعد تسلل قوات الدعم السريع وتمكنها من الهجوم والسيطرة على الفرقة “17” مشاة بسنجة في ولاية سنار، بالتزامن مع تواجد قائد الجيش الذي كان يتناول وجبة “العصيدة” مع جنوده في ثكناتهم بمدينة سنار.

إعلان السقوط:

مع تواتر الأنباء حول سقوط مدينة سنجة، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على الفرقة “17” مشاة “سنجة”، وقالت عبر صفحتها على منصة اكس ووفقاً لنص البيان إنها “تمكنت من تحرير الفرقة 17 مشاة من قبضة مليشيا البرهان وكتائبها الجهادية”، كما انتشرت فيديوهات تبين تواجد القائد الميداني “عبد الرحمن البيشي”، وقائد الفرقة الخامسة مشاة بود مدني “أبو عاقلة كيكل” داخل أمانة الحكومة بمدينة سنجة.  وبعد يوم كامل أعلن الجيش السوداني، الأحد، إن قواته ما تزال تقاتل الدعم السريع في مدينة سنجة، ومتمسكة بمواقعها.

والأسبوع الماضي أعلنت الدعم السريع سيطرتها على منطقة “جبل موية”، أحد أبرز المواقع الاستراتيجية في ولاية سنار التي تربطها بولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، واتخذت الدعم السريع منطقة “جبل موية” نقطة تمركز تحركت منها نحو مدينة “سنجة” بعد أن استطاعت التسلل عبر قرى “القويزات وحريدانة”، وشنت هجومها على ارتكازات الجيش في تخوم مدينة “سنجة” حتى مقر الفرقة “17” مشاة.

أهداف استراتيجية:

الجدل الكثيف حول استهداف مدينة سنجة من قبل قوات الدعم السريع والتركيز عليها، جعل الكثيرون يتساءلون حول أهمية المدينة وبعدها الاستراتيجي لتمدد قوات الدعم السريع. يقول المحلل السياسي  “حسن محمود” لـ”راينو” إن قوات الدعم السريع وبسيطرتها على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، تكون قد قطعت شوطاً في فتح خطوط الإمداد شرقاً، ابتداءاً من سنجة و مروراً بأبو حجار ثم الدندر والحواتة بولاية القضارف حتى الحدود الإثيوبية، وبحسب “محمود” فإن قوات الدعم السريع وبسيطرتها على سنجة، تكون قد حققت هدفها الاستراتيجي في خنق ولايات الشرق، وولاية النيل الأزرق .

ويضيف الخبير العسكري “عبد الله التوم” لـ”راينو” إن قوات الدعم السريع مهدت لهذا التمدد منذ استيلائها على منطقة “جبل موية” غرب سنار، لعزل إمداد الجيش من ولاية النيل الأبيض وتسهيل تحركها غرباً نحو ربك بولاية النيل الأبيض، التي تبعد عن منطقة جبل موية بحوالي 71 كيلو متراً.

عن سنجة:

وتقع مدينة سنجة في ولاية سنار وسط السودان، وهي العاصمة السياسية والإدارية للولاية، وهي واحدة من المدن الجذابة والتاريخية في السودان وتقع المدينة على ضفاف نهر النيل ويبلغ عدد سكانها نحو 120،000 نسمة، وتتحكم بالطرق البرية الرابطة بين غرب البلاد وشرقها البلاد وجنوبها “طريق سنار – ربك، وطريق الدمازين – سنار”، ما يجعل منها مفتاحاً لمناطق عسكرية أخرى تستهدفها قوات الدعم السريع. وتعتبر سنجة العاصمة رقم ثمانية من عواصم الولايات التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على أجزاء واسعة من الخرطوم، ومدني عاصمة ولاية الجزيرة، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، والضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، والفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، كما تحاصر الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور منذ ثلاثة أشهر.

تهجير وترويع المواطنين:

ومنذ نهار السبت وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة سنجة يعيش سكان المدينة أوضاع إنسانية مأساوية، وشهدت المدينة تدفقات كبيرة للمواطنين الذين انتشروا على مخارج الولاية هرباً من القصف، آلاف الأطفال والنساء الحوامل والشباب والكبار والمرضى والأسر خرجوا سيراً على الأقدام جنوباً وشرقاً نحو الدمازين والمحليات والقرى الشرقية لمدينة سنجة .

وقال مواطنون هاربون لـ”راينو” إن قوات الدعم السريع ما تزال تسيطر على مدينة سنجة، وقامت بنشر ارتكازات في معظم الشوارع الرئيسية داخل المدينة.

لماذا ينكر الجيش الهزيمة:

الجيش كالمعتاد واصل في إنكار هزائمه المتواصلة، رغم غياب نغمة وجود خيانة داخله التي اعتاد الجناح السياسي للجيش ترديدها، وهم الاسلاميون كما يرى البعض. وأضحت الحقائق تترى على السودانيين بأنه لا وجود لما يسمى للجيش، بل مجموعة عسكريين يريدون فقط الحفاظ على امتيازاتهم عبر عقد اي صفقة أو تسوية تتيح لهم البقاء في السلطة، لحماية أنفسهم من المحاكمة، والتمتع بالامتيازات التي ظل الجيش يستأثر بها على مدار عقود تكوين الدولة السودانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار