السودان

زيارة الكباشي للنيجر ومالي .. ماذا يريد الجيش السوداني من الدولتين؟

تقرير: راينو
نقل إعلام مجلس السيادة السوداني أن نائب القائد العام للقوات المسلحة “شمس الدين كباشي” توجه اليوم إلى دولتي النيجر ومالي في زيارة رسمية تستغرق عدة أيام، يرافقه خلال الزيارة وزير الدفاع “يس إبراهيم”.
وقال إعلام مجلس السيادة إن نائب قائد الجيش سيجري خلال الزيارة مباحثات مع قادة تلك الدول تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، وتطورات الحرب الدائرة الآن وتأثيرها على المحيط الاقليمي والدولية. وبمجرد الاعلان، اكتنفت الأسافير حملة من التحليلات حول خلفيات وابعاد الزيارة وما الذي يختبئ وراءها خصوصا وأن الدولتين لم تكونوا ضمن الاهتمام المباشر للسياسة الخارجية للنظام البائد أو بعده.

الموقع الجغرافي:
تقع دولتي النيجر ومالي في غرب إفريقيا وتُعتبر النيجر البوابة التاريخية الفاصلة بين شمال أفريقيا والصحراء الكبرى، تسيطر على البلدين نظم استبدادية دكتاتورية جاءت بانقلابات عسكرية أطاحت من خلالها بحكومات شرعية، وهو الرابط المشترك بين الدولتين والسودان الذي توجه وفد منه بقيادة نائب القائد العام للقوات المسلحة “شمس الدين كباشي” في زيارة رسمية اليهما.
وتتزامن جولة الوفد الذي يمثل الجيش السوداني مع جولة يقوم بها وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” في الكونغو برازافيل وتشاد، وسط تساؤلات واستفهامات حول خبايا زيارة وفد الجيش وما الذي يمكن أن تقدمه هاتين الدولتين للجيش السوداني الذي يخوض حرباً ضد قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام.

علاقة الدولتين بالدعم السريع:
التحليلات تذهب الى انه منذ اندلاع الحرب في السودان إبريل 2023 ظلت الدبلوماسية السودانية توجه الاتهام لدول غرب إفريقيا ومنها النيجر ومالي بدعم قوات الدعم السريع بالجنود وتدفقات السلاح، وظلت وزارة الخارجية في السودان تدعو دول العالم للتعامل مع قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية لتضييق الخناق عليها دبلوماسياً، وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضي، التقى وزير الخارجية السوداني “علي الصادق” بوزير الخارجية في النيجر “بكاري سنغاري”. وقالت وزارة الخارجية السودانية في ذلك الوقت إن وزيرها أطلع نظيره “سنغاري” على المعلومات بشأن مشاركة عناصر من النيجر ضمن قوات الدعم السريع، وأشارت إلى أن ما وصفتهم بـ”المرتزقة” يُشاركون في أعمال السرقة والنهب وهربوا بسيارات وممتلكات المواطنين، ما يستدعٍي ضرورة التنسيق بين الحكومتين خلال الفترة القادمة، لمنع تسجيل تلك السيارات واسترداد المسروقات.
بيد أن أكثر القراءات تطرفا تذهب الى أن الجيش ليس حريصاً على ممتلكات المواطنين بقدر محاولته تعويض خسائره والحفاظ على ما تبقى من كرامة، من خلال حسم الحرب لصالحه في مواجهة الدعم السريع، وأن الجيش يعتقد في قرارة نفسه أن الدعم السريع يستمد امداده عبر قوات تفد اليه من الدولتين، وبالتالي إذا تم الاتفاق على إغلاق حدود هذه الدول، ربما يسهل ذلك قطع الطريق على امدادات الدعم السريع.
بيد أن المحلل السياسي “ايهاب محمد الحسن” يذهب في حديثه لـ(راينو) الى أن ظهور الجيش في هذا التوقيت في هذه الدول يرتبط بالجولة الافريقية لوزير الخارجية الروسي، وبالتالي محاولة تمديد وتمتين العلاقات مع حكومات تلك الدول يجعل نظام الخرطوم ذو قيمة أكبر لدى الروس، مما يتيح الحصول على مساعدات عسكرية أكبر في مقابل تمتين تحالف دول ذات نفوذ روسي في غرب افريقيا، وأضاف:(كل ذلك للانتصار على الدعم السريع فقط).

حلف روسي:
وتأتي زيارة نائب قائد الجيش إلى النيجر ومالي تزامناً مع توجه وفد آخر يضم نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار إلى روسيا لإتمام صفقة القاعدة البحرية مقابل الدعم العسكري، ويأتي كل ذلك بعد أيام من تصريحات للسفير السوداني بروسيا “محمد سراج”، قال فيها إن الخرطوم لن تتخلى عن التزاماتها ببناء قاعدة بحرية روسية في البحر الأحمر، موضحاً أنّ المسألة تكمن في بعض المسائل الإجرائية.
وفي هذا الاتجاه يقول الخبير الأمني “محمد عبد النبي” لـ”راينو” إن زيارة نائب قائد الجيش تأتي ضمن الترتيب مع هذه الدول باعتبارهما حليفتي روسيا في المنطقة، إضافة لليبيا التي لم تعد روسيا تخفي تواجدها العلني فيها. ويقول “عبد النبي” إن ذلك يفسر في سياق تسهيل وصول السلاح للجيش، وتضييق الخناق على قوات الدعم السريع وقطع المداخل التي تمدها بالسلاح.
فيما يقول الباحث المختص في الشؤون الإفريقية “د. محمد تورشين” لـ”راينو” إن زيارة الوفد السوداني لدولتي النيجر ومالي تحمل الكثير من التساؤلات والاستفهامات ، ويشير إلى أن البلدين كانا يتمتعان بعلاقات جيدة مع فرنسا التي كانت لديها قوات في الساحل الإفريقي عن طريق التدخل المباشر عن طريق تمدد الجماعات الجهادية في العام “2012”، ثم تطور الحضور الفرنسي في الساحل الإفريقي، مروراً بكل الخلافات التي شابت العلاقات الفرنسية المالية والفرنسية النيجرية ما أسفر عن خروج القوات الفرنسية من البلدين الإفريقيين، وأصبحت لديهما تحالفات قوية جداً مع روسيا وأصبح الوجود الروسي يعول عليه كثيراً في ملأ الفراغ الأمني، لافتاً إلى أن علاقات السودان بالدولتين في الفترات السابقة كانت محدودة جداً، باعتبار أن توجه السودان عروبي شرق أوسطي ما جعل اهتمام السودان بالتوجه نحو الساحل الإفريقي محدود من خلال قنصليات صغيرة. وكانت حكومات السودان تركز في التعامل مع الملفات الإفريقية مع الدول الكبيرة فقط، وأضاف:(لذا أرى أن زيارة وفد نائب قائد الجيش “شمس الدين الكباشي” يرافقه وزير الدفاع زيارة مثيرة للتساؤلات والاستفهامات).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار