السودان

بلاغات النائب العام بحق القوى المدينة .. بحث عن شرعية؟ أم عرقلة لجهود إيقاف الحرب؟

تقرير: راينو 

النائب العام الذي يعمل وفقا لإمرة حكومة الأمر الواقع، ويباشر أعماله من عاصمة ولاية البحر الأحمر “بورتسودان”، لم يتسن له أن يستوعب وضعية وجوده في بورتسودان، تاركاً مساحة للسخرية من قراراته التي أصدرها ضد رئيس الوزراء السابق “عبد الله حمدوك”، وقيادات مدنية ترفض الحرب، وتسعى لإيقافها. وهذا ما جعل القيادي بحزب الأمة “عروة الصادق” -وهو أحد المطلوبين – يسأل النائب العام لأي قسم شرطة أو نيابة، يمكن للمتهم في مدينة الخرطوم أن يسلم نفسه؟

مذكرة توقيف:

أعلنت لجنة شكلها قائد الجيش السوداني “عبد الفتاح البرهان”، عن بلاغات قبض بنيابة “بورتسودان”، في مواجهة أكثر من عشرين من قيادات تنسيقية القوى المدنية “تقدم” الداعية لوقف الحرب من بينهم رئيس وزراء الحكومة المدنية “عبد الله حمدوك”، التي أطاح بها المكون العسكري “طرفي الحرب”، في الخامس والعشرين من أكتوبر “2021”.

 وحوت مذكرة التوقيف عدة تهم من بينها (إثارة الحرب ضد الدولة، والتحريض والمعاونة والاتفاق وتقويض النظام الدستوري، وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية).

وأوردت المذكرة عددا من القيادات السياسية البارزة من بينهم “عمر يوسف الدقير”، القيادي في لجنة العلاقات الخارجية في التنسيقية، ورئيس حزب المؤتمر السوداني، و”محمد الفكي سليمان” عضو مجلس السيادة المقال، و”ياسر عرمان”، والوزير السابق في حكومة حمدوك “خالد عمر يوسف”، و”مريم الصادق المهدي” القيادية في حزب الأمة، وشقيقها الصديق وشقيقتها “زينب”، بالإضافة إلى الصحفيين “شوقي عبد العظيم”، و”ماهر أبو الجوخ”، و”رشا عوض”.

حيلة العاجز:

قرارات حكومة الأمر الواقع التي صدرت بحق قيادات سياسية رافضة للحرب وجدت سخرية من القانونيين والسياسيين، وقال القيادي بحزب الأمة القومي والذي ورد اسمه ضمن قائمة مذكرة التوقيف “عروة الصادق” إن النظام المُباد والتنظيم المحلول درج على استخدام كافة هياكل ومؤسسات وأجهزة الدولة لإخضاع الخصوم.

 وفي حديثه لـ”راينو” أكد “عروة”، أن أجهزة إنفاذ القانون وهيئات العدل والقضاء من أكثر الأجهزة استخداماً في استهداف القوى المدنية، مشيراً إلى أن رفع مئات القضايا ضد قادة القوى المدنية الداعمة لوقف الحرب. وأضاف:(بعد انقلاب أكتوبر استعادت سلطة الانقلاب برئاسة البرهان كل القضاة ووكلاء النيابة وعناصر الأمن والشرطة من الذين كانوا يمارسون تلك الممارسات، وعمدوا إلى إصدار قوائم بعد الانقلاب، أسقطوها مع الاتفاق الإطاري، ولا زال النظام المُباد – وبإصدار مذكرة التوقيف الأخيرة – يكرر ذات الأمر دون أن يعي الدرس)، مؤكداً حرص القوى المدنية على تكوين لجنة تحقيق مستقلة ولجان تقصي حقائق لمعرفة أسباب ومسببي الحرب، وكشف مرتكبي الانتهاكات التي طالت الإنسان والبنيان، والتدخلات الخبيثة والتورط الخارجي حينئذ سيكون الجميع مذعنا لقرار اللجنة ونتائج تحقيقها الشفاف، وزاد:(أما أن يستخدم فلول النظام السابق في النيابة العامة فزاعة البلاغات لقطع الطريق أمام محاولات القوى المدنية لإنهاء الحرب، فهي “حيلة العاجز”، التي ظلت تمارس منذ انقلاب الثلاثين من يونيو “1989”، ولن تنطلي على فطنة وفطرة الشعب السوداني السوية).

ردود فعل:

كتب القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل “وجدي صالح” على صفحته في منصة “فيسبوك” تعليقاً على قرارات التوقيف:(لقد اعتدنا على مثل هذه البلاغات وتحصنا في مواجهتها ولا تزيدنا إلا قوة وإيمانا وثباتا ولن ترهبنا أوامر القبض الصادرة من الفلول ولا إعلاناتهم على وسائط الأعلى م، وسنظل نعمل مع كل الصادقين لإيقاف هذه الحرب اللعينة ووضع البلاد في مسار الوحدة والسلام والديمقراطية وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة).

وقال القطاع القانوني لحزب “التجمع الاتحادي” إن الإجراءات التي اتخذتها ما يعرف بـ”اللجنة الوطنية لجرائم الحرب وانتهاكات قوات الدعم السريع” لا تقوم على أي أساس قانوني، وعد ما يحدث “محاولات استهداف” لقيادات القوى المدنية وتصفية الحسابات السياسية معها عبر استغلال وتوظيف الأجهزة العدلية خاصة النيابة العامة، أمر ليس بجديد. وأضاف الحزب عبر بيان صادر عنه:(الجميع يشهد على المحاولات الفاشلة والكيدية في تجريم قيادات لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر 2021 الماضي). ولفت الحزب إلى أن قائد القوات المسلحة السودانية لا يملك – بموجب أحكام الوثيقة الدستورية المنقلب عليها ولا بموجب قانون القوات المسلحة – أي صلاحيات تمكنه من تشكيل أي لجان عدلية.

تسييس القانون:

وحول شرعية وقانونية الإجراءات التي قامت بها نيابة الأمر الواقع ببورتسودان، أكد المحامي “جمال أحمد” إن ما تم من مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء السابق “عبد الله حمدوك” ومدنيين آخرين، يأتي لعدم استقلالية الأجهزة العدلية في السودان، وقبضة النظام البائد عليها منذ انقلاب طرفي الحرب على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر، وقال “جمال” في حديث لـ”راينو “، إنه من المخجل أن تتهم هذه الأجهزة المسيسة القوى المدنية بإشعال الحرب، وتغض الطرف عن المجرمين الأساسيين الذين صنعوا المليشيات، واشتركوا معها في الإبادات الجماعية في دارفور منذ العام “2003”، وما حرب 15 إبريل إلا سلسلة لجرائمهم السوداء وتقويض الديمقراطيات في السودان، وأكد “جمال” على أن هذه البلاغات ربما يكون الغرض منها عرقلة مساعي القوى المدنية في إيقاف الحرب، وتلبيسها صبغة قانونية لرفض قادة الجيش الجلوس مع هذه القوى. وفي ذات الاتجاه قال المحامي “معز حضرة” في تصريحات صحفية، إن “الأجهزة العدلية أصبحت “مسيسة”، و”لا تعمل بأسس مهنية”.

قطع الطريق:

من جانب آخر اعتبر سياسيون ونشطاء أن ما يحدث ليس سوى محاولة يائسة لتغيير المشهد السياسي قسراً. وكشف سياسي بارز فضل حجب اسمه لـ”راينو”، أن ثمة معادلة لا يمكن القفز عليها، وما يحدث حالياً هو محاولة لإجبار الجميع على تغييرها، كاشفاً عن إصرار أمريكي سعودي على توسيع منبر جدة، بضم مصر من جهة والإمارات من جهة أخرى، وأضاف:(الإمارات من ضمن مطالبها اشتراط وجود القوى المدنية السودانية صاحبة المصلحة في وقف الحرب، وهو ما قبله الطرف المصري بترحاب، بالتالي أصبح واضحاً عند فلول النظام المباد استصحاب القوى المدنية في المشهد القادم، بعد انطلاق جدة في 18 أبريل الجاري.

وأبان المصدر الرفيع أن التحركات التي تستهدف القيادات السياسية هي محاولة لقطع الطريق على منبر 18 أبريل القادم، عبر اتهاماتهم واعتقالهم وإصدار نشرات حمراء في مواجهتهم من جهة، وتصعيد العمليات العسكرية من جهة أخرى. واستدرك قائلاً:(لكن كل ذلك سيؤول للفشل لأن الشارع – على تناقضاته -متماسك، بدليل نجاح مليونيه السادس من أبريل الإسفيرية.

ورجح المصدر أن يعمل الفلول على تشكيل حكومة قبل انطلاق المفاوضات وقال:(كان “البرهان” يذهب لأي مفاوضات وكيلا ًعن الفلول، لكن في الوقت الحالي من الواضح أن الفلول يسعون لأن يكونوا جزءً من المشهد، عبر فرض نفسهم باعتبارهم الحكومة المتفاوض معها).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار