السودان

تسليح المواطنين .. مخاوف من تحول حرب السودان لصراع إثني

تقرير: محمد صالح البشر

يحمل معظم المؤرخين السياسيين السودانيين رئيس وزراء الديمقراطية الثالثة الراحل “الصادق المهدي”، مسؤولية تكوين أول مليشيا قبلية مسلحة في العام “1987”، لكن وقبل هذا التاريخ، كانت القبائل وتحديداً “الرزيقات ودينكا ملوال”، يقتتلون فيما بينهما حول المرعى والمورد باستخدام الحراب والسيوف “السلاح الأبيض”. ويؤرخ لأول صراع بين الرزيقات والدينكا بالعام “1974”.

حرب دارفور:

ويقول المحلل السياسي “أنور الدومة”، أنه وفي بداية حرب دارفور، لجأت “حكومة الإنقاذ” إلى تسليح القبائل العربية وشحنتها ضد القبائل غير العربية، وذلك بهدف خلق انشقاق كبير في المجتمع القبلي. وعمدت أجهزة حكومة “المؤتمر الوطني” على بث خطاب كراهية بصورة غير مسبوقة، واستغلت التناقضات القبلية في سبيل تشتيت وحدة أهل الإقليم حول المطالب المشروعة التي تتبناها حركات دارفور، وبدأت الاستخبارات العسكرية التسليح على أسس قبلية، مطالبة نظار القبائل بحضور عمليات  التسليح كضامنين للأشخاص الذين يتم تسليحهم، لكن ناظر الرزيقات المرحوم “سعيد محمود مادبو” رفض تلك الخطوة، بحجة أن التسليح بشكل عام، يسهل وصول السلاح إلى  أيدي مجرمين يمكن أن يستخدموا السلاح في جرائم، ولخاصته قال “الناظر سعيد”، أن الحكومة ترغب  في تسليح المواطنين بحضور النظار، لتلقي القبض عليهم حال قادت الحرب إلى انتهاكات انسانية واتهامهم بها.

تسليح المواطنين على أساس إثني:

ويعيب المقدم معاش “عمر الفاضل” على الجيش، تسليحه للمواطنين على أسس جهوية، بالتركيز على تسليح المواطنين في ولايتي “نهر النيل” و”الشمالية” بشكل عام. أما في ولايات “سنار والجزيرة والقضارف”، فقد سلح الجيش بعض المواطنين وتجاوز البعض، لافتاً النظر إلى أن “كل الذين رفض الجيش تسليحهم، ينتمون الى القبائل العربية في كردفان ودارفور، على الرغم من أن أجدادهم ولدوا في هذه القرى، وليس لديهم أي روابط بقبائلهم لانقطاع تواصلهم معها منذ مئات السنين”.

واتهم المقدم معاش “عمر” أعضاء حزب “المؤتمر الوطني” والحركة الإسلامية، بأنهم من يقف وراء التسليح الانتقائي، بهدف خلق حرب أهلية في السودان، ولطمس تصنيف الحرب بأنها حرب بين قوتين عسكريتين.

الحركة الإسلامية على الخط:

وفيما كتب الصحفي “عثمان فضل الله” تغريدة في صفحته على “الفيسبوك” قال فيها إن تسليح المواطنين في ولاية “نهر النيل والشمالية” وتعبئتهم على أساس قبلي، هو هدف الحركة الإسلامية، لكي يرتكب “الدعم السريع” إبادة جماعية للسكان الولايتين فتستغل “الحركة الإسلامية” ذلك في المحافل الدولية، مثلما تسعى لاستغلال ما حدث في مدينة “الجنينة” لقبيلة “المساليت”.

وبثت فيديوهات على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، شوهد من خلالها قادة الجيش يوزعون السلاح على المواطنين في لقاءات جماهيرية تخللها خطب تحريضية.

من جهته استنكر رئيس منبر دارفور للعدالة “أبو عبيدة عوض” عمليات تسليح المواطنين بواسطة الجيش السوداني في المناطق التي يسيطر عليها، وقال “أبو عبيدة” إن مسألة اللجوء الى تسليح المواطنين ستقود الى صراعات وحروب مفتوحة في المستقبل، وزاد:(على الجيش حماية المواطنين بدلاً من تسليحهم لحماية أنفسهم).

وتأسف “أبو عبيدة” على مصاحبة التسليح لخطاب كراهية وعنصرية، في وقت يعترض فيه أبناء دارفور وكردفان إلى اعتقالات في مناطق سيطرة الجيش على أساس قبلي وجهوي، مطالباً أطراف الصراع بالعودة الى منبر التفاوض بأسرع فرصة، لرفع المعاناة عن الشعب السوداني.

مشروعية قانونية:

وصف المحامي “أحمد عيسى أبوه” عمليات تسليح المواطنين بغير المشروعة قانوناً، وقال إن تسليح المواطنين يخالف المادة “26” من قانون الأسلحة والذخائر والمفرقعات لسنة “1986”، وتعديلاته اللاحقة.

وأوضح أن القانون كان صريحاً في تحديد الجهات التي تحمل السلاح، وهي “القوات العسكرية وأصحاب التراخيص”، أي المواطنين الذين حصلوا على السلاح عن طريق الترخيص، منوهاً الى أن السلاح أداة فتاكة، وهو من الآليات التي تساعد في الحروب القبلية في البلاد. وأكد أن التسليح عمل مخالف للقانون، وغير مشروع. رافضاً التسليح على أساس جهوي أو قبلي، “في بلد متنوع مثل السودان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار