السودان

خطاب البرهان في جبيت .. هل أغلق قائد الجيش باب الحل السلمي للصراع في السودان؟

تقرير: راينو

توقع سياسيون وعسكريون وصحفيون، مستقبل مظلم وقاتم، مع ارتفاع حدة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع بولايات سودانية جديدة، بعد خطاب قائد الجيش “عبد الفتاح البرهان”، في منطقة “جبيت” العسكرية، بولاية البحر الأحمر، قائلين إن الخطاب يمثل نهج وديدن “الحركة الإسلامية” و”المؤتمر الوطني” في إشعال وتأجيج الحرب.

 تسليح المقاومة الشعبية:

وتعهد القائد العام للجيش، “عبد الفتاح البرهان” أمس الجمعة، بتسليح المقاومة الشعبية وتنظيمها للدفاع عن الأنفس والوطن، وقال “البرهان” لدى مخاطبته منسوبي الجيش بمعهد المشاة ومعهد ضباط الصف بمنطقة “جبيت” العسكرية:(لمليشيا المتمردة تحارب الشعب وليس الجيش، وتقتل وتنهب الأموال والممتلكات، وتتشدق بالحديث عن الديمقراطية).

 وقال:(ما عندنا تفاوض مع من يحاربون السودانيين، وسننتصر عليهم طال الزمن أم قصر. ونمد أيادينا لكل جهد صادق لإيقاف الحرب، ولكن من أراد القتل والنهب باسم شرعية زائفة فلن نسمح له. ومن يدعم الذي يقتل وينهب ويخرب ويدمر لن يجد منا أي شرعية أو اعتراف).

 هلاك البلاد:

 القيادي بحزب المؤتمر الشعبي (بارود صندل)، قال إن خطاب البرهان يمثل رأي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، لأنهما ممسكان بخيوط القرار، وهي ستقود البلاد إلى (مهلكة)، ويعبر الخطاب عن طبيعة السلطة التي تدير وترغب في استمرار الحرب، التي ليس للبرهان قرار حول إيقافها.

وتابع “صندل” في حديث لـ(راينو):(لم ألحظ اجتماع حكومة الأمر الواقع ممثلة في مجلس السيادة المكون بقيادة “عبد الفتاح البرهان” من أربعة عسكريين، و”مالك عقار”، وشخص مدني من القيادات الظاهرة في الحكومة، لم الحظ اجتماعهم في اجتماع رسمي لمناقشة قضية الحرب التي تدور بالبلاد،  لذا أعتقد  أن “ميول” قيادات الجيش “شمس الدين الكباشي وإبراهيم جابر وياسر العطا” تتجه نحو اتباع الحوار مع الدعم السريع، لأنهم يعلمون أن الوضع على الأرض عسكرياً يختلف عما يقال، لذا اعتقد أن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني لا يرغبان في تحقيق أي سلام أو الانخراط في مفاوضات جادة في ظل استقبال العديد من رؤساء دول الجوار  لقائد الدعم السريع “محمد حمدان دقلو” كرئيس دولة).

 وأوضح “صندل” إن خطابات “البرهان” تصب في اتجاه واحد، وتحمل العديد من التناقضات، مستشهداً بحديثه في خطاب عيد الاستقلال الأخير، الذي أشار فيه لرفضه للتفاوض، مع تأكيده على عدم رفض أي شخص يرغب في السلام.

 يفتقد الحكمة:

ووصف المسؤول الإعلامي للحزب الاتحادي الأصل “نبيل الشريف” خطاب البرهان ب “الركيك”، وبأنه حمل مصطلحات “سوقية”، ويزيد من معاناة المواطنين، محذراً من وصول الحرب – بموجب الخطاب – إلى مدن أخري مثل سنار وكوستي وشندي وعطبرة ودنقلا، لتعم جميع الولايات، وزاد:(المتضرر الأكبر من الحرب هو الوطن والمواطن، مع تأثر البنية التحتية وتعرض المشاريع لدمار شامل في كل القطاعات).

وحول مستقبل الحوار بين البرهان وحميدتي، قال “الشريف” إن خطاب البرهان نحو الحوار غير صائب، ولم يكن حكيماً وسوف يستفز الطرف الآخر “الدعم السريع”، مما ينتج عنه المزيد من الاحتراب والتشظي.

أما عن الإعلان الموقع بين القوي المدنية والدعم السريع بأديس أبابا لإنهاء الحرب، فقد عده “نبيل” مجهوداً سياسياً نحو الحل السلمي، وقال:(هم كقوي مدنية لديهم رؤي وأطروحات، يمكن أن تنهي الحرب حالة تطبيقها على الواقع، وتصل إلى السلام، وعكسهم البرهان الذي  يؤمن بالحرب، ولا يكترث لإفرازتها السالبة

 النقاط على الحروف:

ويقول الخبير العسكري اللواء د. “أمين اسماعيل مجذوب”، إن خطاب قائد الجيش “عبد الفتاح البرهان” في “جبيت” من الخطابات المهمة للغاية في ظل الأوضاع الراهنة، لأن “البرهان” وضع النقاط على الحروف في كثير من الأمور المهمة، أبرزها مستقبل التفاوض مع قائد قوات الدعم السريع “محمد حمدان دقلو”، ومن خلال خطاب البرهان اتضح عدم لقائه مع “حميدتي”.

وأضاف “مجذوب” في تصريح لـ”راينو”:(الخطاب وضع النقاط أيضاً على الحروف حول المقاومة الشعبية، حيث أكد “البرهان” على تسليح المواطنين تحت إشراف القوات المسلحة).

وذكر “مجذوب” أن الخطاب أرسل رسائل لمجموعات الأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء القوي المدنية “تقدم”، أن الجيش يرفض موقفهم حول اتفاقهم مع قوات الدعم السريع الذي تم في أديس أبابا، مؤكداً أن الخطاب إعلان عن استمرار الحرب، وعن أن النصر قريب، و”هذا يعني أن السودان مقبل على تصعيد عسكري خلال الأيام القادمة”.

 تصعيد سياسي:

أما الصحفي “طلال إسماعيل”، فقال إن خطاب “البرهان” في جاء في ظل واقع يشهد تصعيد سياسي وعسكري بالبلاد، لكنه لا يعني الانهيار الكامل لعملية الحوار مع الدعم السريع في المستقبل. وأضاف:(أعتقد ان الدعم السريع اذا نفذ ماورد في اتفاق جدة وقدم بيئة ايجابية، وقدم تنازلات بينها الخروج من منازل المواطنين، وقام بإطلاق سراح أسري الجيش المحتجزين، يمكن أن نشهد مواصلة العملية السياسية مرة أخرى).

وجزم “إسماعيل” بأن البرهان لا يمكن أن يتجه للتفاوض مع قائد قوات الدعم السريع في ظل احتلال الدعم السريع لمنازل المواطنين، لأنه إذا اتجه البرهان للحوار، فسيخصم من رصيده بشكل كبير، وبالتالي اتجه البرهان في خطابه لدعم المقاومة الشعبية بالسلاح، ورفض الحوار.

وعن ظهور ما يعرف بـ”المقاومة الشعبية”، قال “طلال” أنها ردة فعل طبيعي لتمدد قوات الدعم السريع في الولايات، مشيراً للحوادث الخطيرة التي حدثت للمدنيين في المنازل، والتي نسبها الدعم السريع إلى المتفلتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار