السودان

التلوث البيئي جراء الحرب في السودان .. مخاطر وتحديات

تقرير: راينو

قال وزير الصحة السوداني د. (هيثم محمد إبراهيم) لدي لقائه اللجنة المختصة بإزالة التلوث البيئي أن اللجنة تضع مسألة التلوث الناجم عن مخلفات الحرب ضمن أولوياتها أثناء التخطيط لجميع عملياتها، وبشراكة مع الجهات ذات الصلة. مؤكدا أهمية الحد من الآثار الناتجة عن التلوث، والمحافظة على سلامة وصحة المواطنين.

الحد من المخاطر:

 وقال الوزير إن عمل اللجنة ينحصر في الحد من المخاطر، والتوعية بها، والمسح والتطهير، والتدخل بعد إعلان انتهاء الحرب الحالية بين الجيش والدعم السريع، مطالباً بتحديد المعينات الخاصة بإزالة التلوث وإصحاح البيئة مطالبا بضرورة التنسيق مع المنظمات التي تعمل في إزالة التلوث ودفن الجثث، لافتاً النظر إلى أنه من الإشكالات البيئية الكبيرة التي تفرزها الحروب، بقاء الجثامين في العراء دون دفن. مما يؤدي إلى تلوث بيئي يقود إلى انتشار الأمراض والأوبئة، إضافة لمخاطر المعادن الثقيلة كالرصاص، مما يتسبب في التسمم والأمراض. وكذلك المتفجرات المتوقعة من المخلفات وبقايا الاسلحة، ما يتطلب تنوير المواطن قبل العودة، بما يجب فعله، والتعاون مع كل الجهات المعنية.

 روائح كريهة:

ميدانياً يقول المواطن حسن علي لـ(راينو)، اأنه نزح من حي الأملاك ببحري بولاية الخرطوم، وعاد للحي لبعض شئونه الخاصة إن أكثر ما لفت نظره خلال عودته التي استمرت ليومين في الطرق الرئيسية – أبرزها شارع المزاد – هي كثرة فوارغ الذخيرة المستخدمة في الحرب، وهي فوارغ (مشتتة) بكميات كبيرة للغاية أيضاً في أحياء بحري كـ(الختميه) و(الأملاك)، وغيرها. ولفت لانتشار الأوساخ بأغلب الطرق الفرعية والرئيسية في ظل وجود روائح كريهة بالأسواق، خاصة (سوق بحري) الذي لحقه دمار كبير، بسبب النيران.

 مركبات محروقة وجثث متحللة:

بينما قال المواطن (موسي آدم)، أنه أثناء مروره بشارع الـ(60)، عندما كان متوجهاً لاستجلاب بعض المستندات الرسمية من حي (بري) شرق الخرطوم، لاحظ عدد كبير من المركبات المدنية المحروقة في شارع الـ(60)، وتهشيم أغلب أبواب المحلات والدكاكين التجارية بصورة لافتة.

بالمقابل قال رئيس المجلس الأعلى للبيئة بولاية الخرطوم (بشرى أحمد)، إن تلوث البيئة بالخرطوم يأتي نتيجة لمخلفات الحرب. مضيفاً أن انتقال العدوى بالولاية خلال فترة الحرب له عدة مصادر، منها انتشار تحلل الجثث في الشوارع، والذي يتسبب في بعض الأمراض الخطيرة، بينها (الطاعون، والسعر والكوليرا)، بجانب الأمراض المرتبطة بالتلوث البايولوجي.

وذكر في حديث لـ(راينو)، أن الرصاص المستخدم بكميات كبيرة للغاية، يتغلغل في الهواء والتربة والمياه، وعده عنصر خطير للغاية، يتسبب في أمراض السرطانات، وتحجر الرئة، وأمراض الكل وأكد تعطل خدمة الصرف الصحي – وهو مصدر لتلوث المياه – بجانب تعطل خدمة جمع النفايات وحرقها، مما زاد من نواقل الأمراض وانتشارها، بجانب تفشي أمراض السعر الذي تسببه الكلاب والقطط والفئران. وأوضح أن انتشار جميع تلك الأمراض يأتي ضمن (إفرازات الحرب)، التي خلفت التلوث في البيئة.

 أسلحة غير متفجرة:

ويقول رئيس جمعية تعزيز الصحة السودانية دكتور (مصعب برير)، أن من بين أسباب التلوث بالعاصمة الخرطوم، هو أن الأسلحة المستخدمة بين طرفا النزاع الجيش والدعم السريع فيها مدخلات سامة، ومعادن ثقيلة، وبقايا أسلحة غير(متفجرة)، ومخلفات الحرب. مما يتطلب بعد انجلاء الحرب، التعاطي معها وفق برتوكولات محددة، للتعاون الأمن مع مخلفات الحرب. فالمتفجرات المجهولة غير المتفجرة يتطلب التعامل معها فنيون متخصصون من خبراء صحة البيئة والكيمياء، وغيرهم من الجهات المختصة لأبطال تلك المتفجرات، وتخزينها في أماكن محددة، حتى يتم التخلص الآمن منها.

النفايات الخطرة:

وذكر برير لـ(راينو)، أن ولاية الخرطوم متقدمة في النفايات الخطرة، ولديها لجنة بها كل الجهات ذات الصلة، للتعاون مع هذا الملف. وزاد:(أنصح بالتعامل مع اللجنة العليا للإدارة المتكاملة للنفايات الخطرة لتكون مرجعية مع مخلفات الحرب).

وأضاف برير:(إن مواقع النزاع والمنازل التي نزح عنها المواطنين تكثر فيها النفايات بمختلف أنواعها، وتصبح بيئة خصبة لتوالد الحشرات بمختلف أنواعها، وتجعلها بؤرة لمختلف انواع(التلوثات)، بحكم هجرة السكان لها، لذا تصبح مناطق مهيئة لنواقل الأمراض والآفات، كما إن كل المؤسسات الحكومية والأسواق والمنازل تحتاج لتطهير وتعقيم في حالة عودة المواطنين للسكن فيها من جديد، لكنها عودة يجيب أن تكون بالتدرج لبعض أفراد الأسرة، وليس جميعهم للتأكد من إمكانية السكن مجددا بصورة صحية سليمة، بحسب خبراء الصحة).

التعامل مع الجثث:

وحول التعامل مع الجثث يقول برير:(هناك أمراض مرتبطة بالغازات عن الجثث غير المدفونة، لكنها في حالة تحلل، وهي في المشارح. وهذه الجثث تكون كل الممرضات الوبائية المعلومة قد ماتت مع تحللها.

وأشار لوجود ثلاثة مستويات للجثث، الأولي هي الجثث مجهولة الهوية التي لم يتم دفنها أو التعاطي معها بصورة إنسانية، وتستدل بالروائح. والثانية هي التي تم دفنها في المقابر الوقتيه والميادين العامة، ولها تأثيرات نفسية، وهذه تحتاج لـ(نبش) من أجل إعادة دفنها من جديد في المقابر المعلومة. والثالثة هي الجثث التي دفنت داخل المنازل، لخطورتها الإنسانية والنفسية.

بدورها أكدت منظمات دولية، إن آثار الحروب تّستمرّ على البيئة لفترات طويلة جداً، إذ إنّ الحروب لديها القُدرة على إحداث دمار بيئي كبير للتُّربة، والأراضي الزراعية، بالإضافة إلى تلويث الهواء، وإلحاق الضرر بالمصادر الطبيعية، ممّا سيؤثّر على حياة الإنسان، وصحته، ونمط معيشته، ومن المُمارسات الحربية ذات التأثير على البيئة والإنسان هي إنتاج وتجريب الأسلحة، والقصف الجوي، والألغام الأرضية، وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار