السودان

إخلاء مدارس نهر النيل .. رهان الحياة واختلال الأوليات

تقرير: راينو

قضت توجيهات رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان أثناء زيار سابقة له لولاية نهر النيل، بضرورة بدء العام الدراسي، وفتح المدارس أمام الطلاب بالولاية الواقعة شمالي السودان.

وتنفيذاً لهذه التوجيهات شرعت حكومة الولاية في فض بعض المدارس من نازحي ولاية الخرطوم، وترحليهم إلى القرية ستة بالمناصير. الأمر الذي قوبل بالرفض التام من قبل النازحين.

 غير لائقة بحياة الإنسان:

وبحسب الشهادات التي أوردها بعض النازحون للقرية ستة المشار إليها، فإنها تفتقد لخدمات المياه والكهرباء، مع تفشي الثعابين والعقارب والأمراض. وهذه الأسباب دفعت النازحين لرفض ترحيلهم إليها، بل ومقاومة القرار، لجهة أنها منطقة لا تليق بسكن البشر.

غير أن مدير عام وزارة التربية والتعليم بولاية نهر النيل (إسماعيل الأزهري)، أكد اكتمال كافة الاستعدادات لبداية العام الدراسي الأحد المقبل، ومعالجة كافة التحديات التي تواجه العام الدراسي.

مشيراً إلي أنه حسب توجيهات والي الولاية، واستناداً لقرار مجلس الوزراء الانتقالي بخصوص انطلاق العام الدراسي بالولايات، تم تكوين لجنة برئاسة وزير المالية لتحديد الوضع الراهن من حيث الجاهزية الإدارية والفنية، لبداية العام الدراسي بالولاية.

 مضيفا بحسب وكاله السودان للأنباء، أن اللجنة قامت بمناقشة أربع محاور أساسية، تمثل أهم التحديات لبداية العام الدراسي تمحورت في البيئة التعليمية، المباني، الكتاب المدرسي، والمعينات والتجليس والمعلم. بالإضافة لمحور الكتاب والتلاميذ الوافدين للولاية، ومحور المال، والذي يتمثل في مرتبات المعلمين والمتأخرات واستحقاقاتهم المالية اللازمة للتغذية المباشرة، وتسيير الإدارات. مؤكداً معالجة كافة التحديات، لبدء العام الدراسي.

بينما علي الضفة الأخرى تمور وتموج  الأوضاع، وتبدو الصورة مختلفة تماما على الأرض داخل المدارس، والداخلية التي تأوي الآلاف من الأسر النازحة للولاية.

في الاثناء كشفت مصادر عليمه بولاية نهر النيل، عن رفض الغالبية العظمي للنازحين  المقيمين في مدارس  (عطبرة ،الدامر ،شندي وبربر)، للترحيل الي القرية ستة بالمناصير، لأنها منطقة غير صالحة للسكن الآدمي، مما يجعل بدء العام الدراسي يوم الأحد  المقبل في مهب الريح، وفق خبراء تربويون.

أقدمية حق الحياة:

(لا تعليم في وضع أليم). بهذه العبارة الموجزة أكدت النازحة (آمال عثمان) التي تقيم بداخلية (السرور السفلاوي) بعطبرة، أكدت ضرورة مراعاة الأولويات، ومحاوله رسم صورة مقربة للأوضاع القاسية التي يعيشونها داخل المدارس.  لافتة لبدء عمليات الترحيل فعلياً إلى مناطق المناصير. الأمر الذي شكل مزيدا من الضغوطات النفسية للنازحين، الي جانب ما عانوه اصلا من الاشتباكات التي دارت رحاها في الخرطوم بسبب الحرب.

وكشفت (آمال) في حديثها لراينو، عن قيام حكومة نهر النيل بترحيل بعض النازحين من المدارس وتقول:(سمعنا البعض يقول أن ترحيلنا سيكون لقرية المناصير المشهورة بانتشار العقارب، فكيف سنعيش مع العقارب التي ظلت تفتك بأطفال المنطقة لسنوات، ووضع اطفالنا لن يكون استثناءً حال ترحيلنا). لافتةً النظر للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يكابدها النازحين بعد فقدانهم لكل ممتلكاتهم بسبب الحرب،

وزادت:( لا يمكننا العيش في منطقة ليس بها خدمات مياه وكهرباء ومواصلات) متسائلةً عن دواعي تعامل حكومة الولاية معهم بهذه الطريقة كأنهم لاجئين، وليسوا نازحين لهم حقوق وواجبات في بلدهم).

وتعضيداً لشهادتها عن أوضاع النازحين بالمدارس، أكد النازح (عادل على عثمان)، المقيم بمدرسة (الجباراب الأساسية) بمحلية الدامر، إصابة البعض بلدغات العقارب والثعابين. وقال:(لم تكلف حكومة الولاية نفسها عناء رش المدرسة بالمبيدات الحشرية، ولم تقدم أي خدمات طبية أو غذائية للنازحين، عدا وجبه يوميه مجانية يقدمها سكان المنطقة لهم، ويعتمد عليها البعض طوال اليوم)، قاطعا في حديثه لـ(راينو) برفضهم الرحيل الي منطقة المناصير لعدم ملاءمتها للسكن، نسبة لانعدام خدمات الكهرباء والمياه، إلى جانب تفشي الأمراض، مستنكراً أن تقوم حكومة الولاية بترحيلهم لمنطقة غير لائقة بالبشر، ومستشهداً بحالة زوجته المصابة بمرض القلب، ما يتطلب علاجاً يومياً. وتابع:(لكن بسبب الظرف المادي لا يتسنى لي سوى شراء نصف الروشتة العلاجية المقررة لها، لعدم توفر المال. بينما تهتم الولاية بترحيلهم تلبية لموجهات “عبد الفتاح البرهان” رغم فشلها في تقديم اي مساعدات للنازخين).

فشل حكومي:

من جهته أفاد مسؤول النازحين بمدرسة الجباراب بمحلية  الدامر، (على عوض)، بأن النازحين في المنطقة عامة حوالي (130) أسرة، لكن عدد  المقيمين المسؤول عنهم  في مدرستي الجباراب الثانوية للبنين والبنات، وروضة الجابراب يصل عددهم إلى حوالي  (30) أسرة، يحتاجون للغطاء من البرد والغذاء والعلاج والناموسيات لمجابهة الباعوض. لافتاً فى تصريح لـ(راينو) إلى عزم حكومة الولاية ترحيل النازحين من المدارس لفتحها للتلاميذ، لكنها – أي الحكومة – فشلت في توفير خيم بديلة للسكن. مضيفاً أن حكومه الولاية لم تقدم لهم أي مساعدات غذائية أو طبية.

وشهد شاهد من أهلها:

لنقل الصورة كاملة، ومعرفة الأوضاع بالقرية المحددة لتهجير النازحين من المدارس، قال منسق النازحين بالقرية سته المناصير (عبد الله عمر) في حديثه لراينو:(عدد النازحين القادمين من محليات أمدرمان وبحري والخرطوم حوالي (400) أسرة، وهم في زيادة يومية من مدن بربر وشندي، لكن رجع  الكثيرون منهم لشح وتردي خدمات المياه التي تستجلب عبر التنكر من “الترع “، وعدم تنقيتها، الأمر الذي تسبب في تفشي الإسهامات، بجانب أمراض الملاريا والكحة، فضلاً عن عدم وجود الكهرباء.

و أكد عبدالله عدم اهتمام والي الولاية والسلطات المختصة بتقديم الخدمات للنازحين، وقال:(نحن نعمل بالجهد الذاتي من جيبنا). كاشفاً عن تقديم مساعدات من قبل الهلال الأحمر السوداني، وقيام منظمة انقاذ الطفولة “سيف ذا جلدرن” بإنشاء مركز صحي لعلاج الأطفال)، مبيناً أن مجمل النازحين القادمين لولاية نهر النيل تتراوح أعدادهم ما بين (20) الي (25) الف أسرة.

العام الدراسي في مهب الريح:

وحول ملابسات بدء العام الدراسي في مدارس ولاية نهر النيل، يقول الخبير التربوي (عباس عمر) لـ(راينو):(فتح المدارس إيذاناً ببدء العام الدراسي في مثل هذه الظروف سوف يبوء بالفشل الذريع لعدة أسباب هى:

أولاً: الطلاب وأولياء أمورهم غير مهيئين نفسياً للعملية التعليمية في هذا الوقت، بسبب تردي الوضع الاقتصادي للأسر.

ثانياً: أغلب فصول المدارس يسكنها النازحون الذين وفدوا من الولايات التي تدور فيها الحرب.

ثالثاً: في مثل هذه الظروف لا تتوفر الكتب، ولا توجد جهة تستطيع توفيرها.

رابعاً: عدم صرف المعلمين لرواتبهم لبضعة أشهر يمنعهم من مزاولة عملهم، لأن أغلبهم لا يملكون مالاً للتنقل لمدارسهم ذهاباً واياباً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار