السودان

د. علاء نقد: كتائب الظل أشعلت الحرب .. والدعم السريع وقف عائقاً أمام مخططات التنظيم الارهابي

دمغ المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، د. علاء نقد، الحركة الإسلامية بإشعال حرب الـ 15 من ابريل، لتصفية ثورة ديسمبر، والعودة للحكم من جديد، بيد أن الدعم السريع كان عائقاً امام تحقيق أهداف الإسلاميين، وكشف عن وضع إنساني كارثي، وأضاف في حوار مع وكالة راينو الإخبارية “هذا ما ظللنا نقوله ونتوقعه منذ أول أيام الحرب، إن من سيموتون بالأوبئة والمرض أكثر من الذين سيموتون بالرصاص”.

وأكد نقد أن التنظيم الإسلامي “تنظيم إرهابي” يمتلك فكر هدام، ونوه (نقد) إلى أن الإسلاميين حاولوا الالتفاف بكافة الطرق على الاتفاق الإطاري، وعندما فشلوا شنوا حربهم التي جروا إليها الجيش والدعم، وأضاف “الجيش والدعم السريع لم يكونا يرغبان في هذه الحرب”. لافتاً إلى أن الحرب ستمثل بداية عهد جديد في السودان عقب نهايتها، بفتح صفحة جديدة لفهم معاني المساواة والوطنية. وشدد على أن محاربة الفساد والعنصرية والتوزيع العادل للسلطة و الثروة والاهتمام التنموي بالأقاليم هو السبيل للخروج من دولة 56 .

حوار: راينو الإخبارية

(*) اندلاع الحرب وتداعياتها على المشهد السياسي، هل تمثل محطة بالإمكان البناء عليها لإعادة صياغة بناء الدولة السودانية بآفاق جديدة؟ وهل تمثل هذه الأوضاع رغم كارثيتها محطة لانطلاق جديد نحو رؤية سودان جديد تسود فيه المواطنة المتساوية ودولة الحق والواجب وقيم العدالة؟

– أكيد، لابد أن تشكل هذه الحرب بداية لعهد جديد في السودان ولفهم جديد لمعنى البلاد عند الجميع سياسيين ومواطنين وتنفيذيين وعمال وطلبة ونساء ورجال ، لابد أن تكون هذه الحرب نقطة فاصلة بين السودان القديم والجديد في كل شيء، في فهم الشعب لمعنى الدولة والعمل من اجلها والتضحية للوطن وتقديم الهم العام أمام الهم الخاص لأنه لا صلاح للخاص بدون صلاح العام، لابد أن تكون هذه الحرب وتداعياتها صفحة جديدة لفهم معاني المساواة والوطنية والمواطنة و أن الجميع سودانيين باختلاف قبائلهم و طوائفهم وألوانهم ولهجاتهم وأن ما يسعى اليه من يخون الوطن، هو أن يزرع الشقة والتفرقة بين الناس على اعتبار اللون والجنس والقبيلة، وهذا ما كانت تستثمر فيه الإنقاذ في 30 عاماً بمختلف مؤسسات الدولة التنفيذية والعسكرية والأمنية والرئاسية. لابد من فهم أن تنظيم الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية التي حكمت البلاد في 30 عاماً، وقامت بعرقلة الانتقال الديمقراطي والفترة الانتقالية وأشعلت الحرب في العاصمة، ومن قبلها حرب دارفور وأججت الصراع في الجنوب، وفصلت جزء عزيز من الوطن بتصرفاتها ومعاملتها وطريقة حكمها، هي تنظيم إرهابي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأي تنظيم يعمل بنفس الشاكلة لابد للسودانيين والسودانيات من الوقوف أمامه بقوة، وعدم إفساح الطريق له للتغلغل في بنية الدولة الرسمية ولا الاجتماعية .

(*) كثر الحديث في الآونة الماضية عن زوال دولة 56 والتأسيس لدولة سودانية جديدة، كيف ترون هذه الاطروحة؟ وما مدى نجاعتها لجهة لنهوض بالبلاد على أسس جديدة ؟

– هي أطروحة صحيحة لا شك في ذلك، وهذا هو السودان القديم بكل شوائبه، وهو ما أدى بنا إلى هذه الحرب. وكانت قمة سنام تلك الدولة وأكبر تجليات ذاك الظلم هو نظام الإنقاذ ودولة المتأسلمين الظالمة التي لم تبدأ فقط في الـ(30) من يونيو 1989، بل بدأ التحضير لها من قبل ذلك، حيث كان هذا الفكر الإسلاموي الهدّام ينخر في حكومات البلاد السابقة وأنظمتها، حتى جاء على ظهر الدبابة في 89، عدم الاهتمام بالريف والولايات، وعدم وجود مفهوم المواطنة المتساوية. وبدلاً عن تمدّن الريف وتطوره والنهوض به، ووجود عواصم للولايات، ومُدن تنافس العاصمة القومية، أصبح ترييف المدينة هو الواقع، وأصبحت العاصمة القومية هي ملاذ الجميع (المرضى والمستثمرين والطلاب)، وهذا هو الخطأ الأكبر، والذي أدى إلى عدم توزيع التنمية بصورة عادلة بين الأقاليم، وأدى مع نظام الحكم الفاسد إلى وجود السلطة ومنها الثروة، في يد قلة اغتنت بالفساد الذي ضرب في عظم الدولة. محاربة الفساد ومحاربة العنصرية والتوزيع العادل للتنمية والثروة والاهتمام بالأقاليم هو السبيل للخروج من دولة 56

(*) البعض يتهم الحرية والتغيير بالضلوع في الحرب بالتأثير على أحد الاطراف، ويشيرون إلى تنسيق مباشر مع الدعم السريع، و يستشهدون بخطاب القيادي بابكر فيصل، إما الإطاري أو الحرب، ما حقيقة الأمر؟

– هذه أكاذيب روج لها مشعلي الحرب من أتباع النظام البائد داخل المؤسسة العسكرية وخارجها. هذه الحرب أثبتت كذب النظام الإسلاموي وقدرته الكبيرة على اختلاق الاكاذيب والافتراءات، ولكن كل ذلك ظهر، لأن العصر الحالي هو عصر العولمة والتكنولوجيا، ولا يستطيع أحد أن يروج للكذب ويلوي عنق الحقيقة بمقطع فيديو مبتور، أو تصريح منقوص، لأن ذاكرة التكنلوجيا تأتي بكامل الفيديو، وكامل التصريح. هذه الأكاذيب تم دحضها منذ الأيام الأولى للحرب، ولكن اعتماد المتأسلمين من المدنيين والعسكريين على ثلة من الصحفيين والصحفيات المأجورين داخل البلاد، ومن تم توزيعهم منهم خارج البلاد، حاولوا الترويج لذلك في كثير من المحطات الإعلامية، ولكن فشل مشروعهم، وحاولوا خداع البسطاء، فانكشفت أكاذيبهم. حاولوا الاستثمار في الشعب الذي قاموا بتجهيله على مدى 30 عاماً، ولكن قوى الثورة بإعلامها – على الرغم من مقدراته المالية المتواضعة – نجحت في مجابهة الميزانيات الكبيرة من مال البلاد المسروق، الذي وضعته الحركة الإسلاموية تحت تصرف الإعلاميين.

حقيقة الأمر أن قوى إعلان الحرية والتغيير نجحت بمقاومتها انقلاب 25 أكتوبر، ووقوفها على مبادئها – التي لم تتزحزح، وعدم قبولها المساومة في مبادئ الثورة على الرغم من انسلاخ بعض القوى منها، واستجابتها لإغراءات العسكر – نجحت في إقناع قوات الدعم السريع وقادتها، بأن الانقلاب هو الخطيئة الكبرى، وهذا هو ما صرح به قائدها يوم توقيع الاتفاق الإطاري في القصر الجمهوري في الخامس من ديسمبر 2022، ونجحت في أن تقنع المجتمع الدولي بهذا الاتفاق الإطاري، وكثيرين من الداخل السوداني، ولكن أخذت بعض القوى السياسية والمدنية العزة بالاثم من الاعتراف بقوة ذلك الاتفاق، والوقوف معه. هذا غير الحاضنة السياسية المدنية التي صنعها العسكر لانقلابهم في 25 أكتوبر، و هذا ما استثمر فيه الإسلامويون داخل المؤسسة العسكرية، و قاموا بإشعال الحرب .

وهذا هو مصدر الكذب الذي سار به الإسلامويون في الركبان، بأن الحرية والتغيير هي الظهير السياسي لقوات الدعم السريع، وأنها هي من أشعل الحرب. فكيف تشعل الحرية والتغيير الحرب على اتفاق هي رأس الرمح فيه؟ وهو ما سيأتي باستحقاقات الثورة، ويحقق أهدافها.

هذا الاتفاق الإطاري ومن فرط قوته، لم يجد الإسلامويون بديلاً للالتفاف عليه إلا أن يشعلوا حرباً في عاصمة البلاد.

(*) في تقديرك وحسب معطيات الواقع، من أطلق الرصاصة الأولى؟

– كتائب الظل الإسلاموية داخل تنظيم القوات المسلحة هي من أطلق الرصاصة الأولى وهي من أدخل الجيش والدعم السريع في هذه الحرب، التي لم يكن أحدهما يريدها.

(*) بعض المحللون يعتبرون أن عدم خروج الدعم السريع من المنازل هو السبب الأساسي في توقف مفاوضات جدة، ويشيرون إلى أن الجيش ليس له تواجد في الأعيان المدنية، برأيك هل هذا هو السبب الاساسي لتعطل التفاوض ؟

– غير صحيح. لقد تم خرق الهدن المختلفة بضرب الطيران، ومعلوم أن من يمتلك سلاح الطيران هو الجيش، والسبب في ذلك هو عدم رغبة الطرف الذي أشعل الحرب، وهو التنظيم الاسلامي – الذي تغلغل في الجيش – في وقف إطلاق النار، وتعدد مراكز اتخاذ القرار داخل المؤسسة العسكرية، وهذا ما بدا واضحاً في التصريحات المتضاربة تجاه وقف اطلاق النار و الهُدن، من قبل الناطق للرسمي للجيش، وقائد الجيش ونائبه.

(*) مسار التفاوض في جدة تعتريه عقبات عديدة وتحركات مكثفة من رافضي الحرب، هل تعتقد أن المسار التفاوضي سيتقدم؟ أم أن قارعي طبول الحرب سيهزمون إمكانية اللجوء للحلول السياسية؟

سيتقدم المسار التفاوضي لا محالة، وذلك نظراً للواقع الميداني للحرب، والفشل السياسي لحكومة الأمر الواقع وقوى الظلام للتسويق لفرضيتها لبدء الحرب، ولكن السؤال المهم هو هل ستوقف كتائب الظل ومليشيات الإسلامويين عن إطلاق النار حتى إذا تم توقيع وقف اطلاق النار في جدة؟

(*) لديك تجربة شخصية في الاعتقال من طرف الجيش، اضافة لاعتقال آخرين مناهضين للحرب، لماذا يستهدف الجيش الناشطين ضد الحرب ؟

– لأن الحرب هي ضد قوى الثورة وليست ضد الدعم السريع، فقط وقف الدعم السريع عائقا في منتصف الطريق. الإسلامويون يسعون للقضاء على الثورة منذ الفترة الانتقالية بتفتيت قوى الثورة، وللأسف ساعدهم في ذلك بعض القوى السياسية التي تُحسب على الثورة، كالحزب الشيوعي و غيرها من القوى السياسية والمدنية التي خدمت خط الكيزان بعلم و قصد، أو بجهل وسوء تقدير. ولكن لم ينجحوا بذلك، فقاموا بانقلاب 25 أكتوبر، ولم ينجحوا بذلك، فاشعلوا الحرب.

(*) كيف ترى الوضع الانساني بعد مرور أكثر من نصف عام على الحرب؟ وما حقيقة الأوضاع الآن؟ خصوصاً في الجوانب الصحية التي كنت من أبرز الساعين لتحسينها في بداية الحرب، وقبل اعتقالك؟

– الوضع الإنساني كارثي وسيء للغاية، وهذا ما ظللنا نقوله ونتوقعه منذ أول أيام الحرب، إن من سيموتون بالأوبئة والمرض، أكثر من الذين سيموتون بالرصاص. والآن مع انتشار الأمراض كالكوليرا (الإسهالات المائية كما يطلقون عليها لتخفيف الصدمة )، وحمى الضنك و الملاريا، وحتى انعدام الأدوية والمعينات الطبية للأمراض السارية (السكري، ضغط الدم، الفشل الكلوي)، وفشل حملات التحصين نظراً لعدم عمل سلاسل الإمداد، كل ذلك سيزيد من حجم الكارثة الصحية، وسيؤدي لظهور أمراض كان قد تم القضاء عليها.

(*) هل تنامى نفوذ الاسلاميين بعد اشتعال الحرب ؟

– نعم تنامى نفوذ الإسلامويون منذ انقلاب 25 أكتوبر، وبعد اشتعال الحرب. ولا أكبر من دليل على ذلك من إطلاق سراح قادتهم من سجن كوبر .

(*) السيطرة الميدانية في الخرطوم تبدو لصالح الدعم السريع، كيف تفسر تقهقهر الجيش ميدانياً في العاصمة الخرطوم؟

– أضعف الإسلامويون للجيش السوداني على مدى 30 عاماً وهذا هو محصلة ذلك. لذلك إذا فهم العسكر الثورة بالطريقة الصحيحة، فهي قد جاءت من أجل جيش مهني ليس هناك وجود حزبي في داخله، وذو عقيدة عسكرية صالحة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار