السودان

رئيس حركة العدل والمساواة د. سليمان صندل: الجيش هو من بدأ الحرب والمؤتمر الوطني يرغب في الحكم ولو كان الثمن دمار البلاد

قطع رئيس حركة العدل والمساواة السودانية د. سليمان صندل، باتخاذ القوات المسلحة قرار الدخول في الحرب بما لديها من سلطة لإخضاع الدعم السريع بقوة السلاح، وبدأت الحرب من المدينة الرياضية، مشدداً في حوار مع راينو الإخبارية، أن نظام المؤتمر الوطني مؤيد لهذه الحرب بشكل فاضح وقال:(هم قوم يحبون السلطة حتى ولو دمروا البلاد).

وأشار صندل في حديثه لوكالة راينو الاخبارية لوجود نية مبيتة من جانب الجيش لإخراج الدعم السريع من العملية السياسية بأي شكل من الأشكال حتى عن طريق حرب تؤدي لدمار البلد وهو ما تم فعلآ، وأضاف:(نحن رؤيتنا كانت أن السودان بموارده يسع الجميع، والقوات المسلحة تسع الدعم السريع وقوات الكفاح المسلح وبناء جيش وطني واحد يعبر عن كل السودانيين بعيداً عن أي استقطاب سياسي أو أيدلوجي)،  مُنوها إلى أنهم لاحظوا بعد اتفاق سلام جوبا أن هناك تماه غير مبرر من الرئيس الأسبق للحركة د. (جبريل إبراهيم) مع نظام المؤتمر الوطني، الذي يود أن يعود للسلطة بكل الوسائل عبر الأجهزة الأمنية، وزاد:(هذا كلام مرفوض)

وأكد صندل في حواره مع  (راينو) الإخبارية، أن الحديث عن دمج الدعم السريع خلال عامين غير منطقي، فقوات حركات الكفاح المسلح كمثال لا يمكن إتمام دمجها في عامين فقط، منبهاً الى رغبة الجيش وقائده العام عبد الفتاح البرهان للاحتفاظ بالكتلة الديمقراطية لاستخدامها في العملية السياسية. وحمل صندل هذه المجموعة المسؤولية التاريخية لأنهم (كانوا يناورون سياسياً في قضايا استراتيجية ).

و نوه صندل إلى أن التباعد بينهم و (قوى الحرية والتغيير –  المجلس المركزي)، ساهم في تسميم الأجواء بشكل كبير، وأدى لفض الشراكة. مُقراً بأن دعمهم لما حدث في 25 أكتوبر كان بدافع تسريع تنفيذ اتفاق جوبا للسلام وأضاف:(لكن في نهاية المطاف الذي تم لم يكن سليم، حيث لم يتم تسريع تنفيذ الاتفاق، ولم نتمكن من توسيع مواعين العمل السياسي، وأن نجمع أكبر قوى سياسية ممكنة من أجل تحصين الانتقال).

حوار – راينو الاخبارية

(*) عقدتم مؤتمراً استثنائياً في اديس أبابا، كان الأبرز فيه انتخابكم رئيساً لحركة العدل والمساواة، في غياب لدكتور جبريل ابراهيم، هل هو انقسام جديد، في التنظيمات و الحركة السياسية السودانية، وما مصير د. جبريل في مستقبل الحركة؟

في البدء أحيي شهداء السودان منذ الاستقلال وحتى ثورة ديسمبر، والذين مازالوا يسقطون في الحرب الدائرة منذ 15ابريل، ونسأل الله أن يوقف هذه الحرب حتي يعود الاستقرار والسلام للسودان.

أقمنا المؤتمر الاستثنائي في نهاية أغسطس الماضي بأديس أبابا، وهناك مبررات موضوعية لقيامه، وهي متعلقة بدستور الحركة من حيث التنظيم ومبادئ الحركة وكيفية إدارتها، وكل هذه الأسباب ساهمت في قيام المؤتمر. أولاً من حيث الأسباب التنظيم والدستور فهي حركة ديمقراطية، وقامت من أجل الحرية وإقامة نظام فيدرالي. وهناك نص أساسي بأن رئيس الحركة لديه دورتين في قيادة الحركة  مدة الدورة 4 سنوات، و بعد انتهاء الفترة لديه الفرصة في الترشح، ولكن لا يمكن التجديد له للمرة الثالثة. والسيد الدكتور جبريل إبراهيم أصبح رئيسا للحركة بعد مؤتمر 2012 بعد استشهاد الدكتور خليل إبراهيم، وكذلك استمر لمدة أربع سنوات، وتم التجديد له في 2016 عبر اجتماع مشترك بين المجلس التشريعي والمجلس الثوري، لأنه نحن لدينا في الحركة المؤتمر العام كأعلى سلطة، يليه المجلس التشريعي، ثم الهيئة القيادية. ولظروف الحرب تم تشكيل المجلس الثوري، وهو يتشكل من المجلس التشريعي، والمكتب التنفيذي، واجتماع الجهتين يمثلان المؤتمر العام.

وفي (2016)، ونتيجة لظروف الحرب، اجتمع المجلسان، وتم التجديد للدكتور (ابراهيم محمد) للاستمرار في رئاسة الحركة. وانتهت دورته في العام 2020 اثناء مفاوضات السلام. عندما دخلنا الخرطوم كنا منشغلين بتطبيق اتفاق السلام والاعمال السياسية المعروفة. وفي 2020 انتهى أجل جميع مؤسسات الحركة، وبالتالي كان التفكير في كيفية إعطاء الشرعية لمؤسسات الحركة. وبحسب الظروف كان رأينا في القيادة  التنفيذية أن الوقت غير مناسب لذلك، فاستمرت المؤسسات حتي (2023)، وخلال هذه الفترة رأى الأعضاء ضرورة تجديد المؤسسات وانتخاب رئيس جديد، وهذا ما تم فعلاً، لأنه لابد من احترام النظام الأساسي للحركة ودستورها. وهناك سبب آخر مُتعلق بمبادئ الحركة التي أسست في العام (2001)، لكن العمليات العسكرية بدأت في (2003) .

(*) مخرجات المؤتمر الاستثنائي أفرزت واقعا جديداً، وبعد اتهامكم لدكتور جبريل بالانحراف عن خط الحركة، وهو مصنف فعلياً الآن بجانب أحد أطراف النزاع، هل سيكون لكم موقف مضاد بدعم الطرف الآخر، أم ستظلون متمسكين بالحياد؟

الحركة نشأت في عهد المؤتمر الوطني الديكتاتوري، والذي أقام الحروب في جميع مناطق السودان، لذا قامت الحركة من أجل الحرية والديمقراطية وإعادة السلطة للشعب السوداني. ونحن طرحنا مشروع سياسي كبير جداً، يدعو لقيام نظام حكم فدرالي، ومُشاركة حقيقية في السلطة، وتوزيع الثروة بعدالة، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية. والحركة ناضلت لمدة عشرين عاماً حتى تم إسقاط نظام البشير، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية، ومازالت المبررات قائمة حتى الآن. اما بعد اتفاق سلام جوبا،  فقد وجدنا أن هناك تماهي غير مبرر، وخرق لمبادئ وأسس الحركة مع نظام المؤتمر الوطني الذي يود أن يعود للسلطة بكل الوسائل عبر الأجهزة الأمنية، وهذا كلام مرفوض تماماً، لأن ذلك النظام ارتكب جرائم جنائية وإبادة ضد الشعب السوداني، كما ساهم في فصل الجنوب. بالتالي لا مجال للعودة، ولابد من حدوث تغيير حقيقي، ولا مجال للتفاهم لأنه يمثل خرق لدستور الحركة، وتقويض لكل جهود شهداء النظام للديمقراطي الحقيقي، ونظام فدرالي ورئاسي لحُكم السودان. لذا لابد من تغيير كامل لنظام الحكم في السودان .

ومن بين أسباب قيام المؤتمر الاستثنائي، أن مؤسسات الحركة أصبحت مُعطلة، وتُدار بواسطة أفراد قليلين يحددون مواقف الحركة السياسية بشكل غير سليم،  لذا نحن وجدنا استجابة كبيرة من عضوية الحركة للمؤتمر الذي أقيم في ظرف الحرب الحالية الصعبة، حيث كان لابد من الحياد، وأن نكون ضد الحرب، وهو موقف استجاب له أكثر من (137) عضو من عضوية الحركة، حيث تم تجديد المؤسسات، وانتخاب قيادة جديدة.

وحول مستقبل الدكتور (جبريل محمد)، فالقرار كان أنه لابد من احترام الدستور واختيار قيادة جديدة، ولا مجال لاستمرار شخص استمر أكثر من دورتين، وهي عملية التداول السلمي للسلطة، ومُمارسة السلطة. وليعلم الشعب بأن الحركة ليست حكراً لشخص أو فئة محددة.

(*) ذكرت في مراجعات المؤتمر الاستثنائي أن الحركة ساهمت في عرقلة الانتقال الديمقراطي، والمشاركة في انقلاب (25) أكتوبر، كيف تم ذلك؟ وهل كان هناك تفاهمات تمت بينكم “كحركة” و فلول النظام البائد في ذلك الوقت ؟

الحديث عن مشاركة الحركة في الانقلاب حديث غير صحيح، نحن لم نكن جزءً من القوات المسلحة أو الدعم السريع، وحركة العدل هي حركة مسلحة ووقعت على السلام لكن العبارة الصحيحة أن الحركة أيدت قرار  (25) أكتوبر، وفي تلك الفترة سميناها قرارات تصحيحية، وسميناها (فض شراكة) بين المكون العسكري والمدني. ونحن شاركنا في العمل المدني بالحديث في الإعلام. وطبعاً قبل إسقاط النظام، كان هناك عملية دمج بين النظام المسلح والنظام المدني عبر نداء السودان، لمزج النضال المسلح والمدني، مما أكسبنا فرصة واسعة جداً لتعبئة الشعب ضد نظام المؤتمر الوطني بشكل كبير، لأنه لحظتها كان يتحدث عن تفريق القوى المعارضة. ولأنه من أهم المبادئ لحظتها كان وحدة القوى المعارضة لإسقاط النظام. ثم جاء التفكير حول إنشاء قوى الحرية والتغيير، وعملنا ميثاقها والجمع بين النقابات والمهنيين حتى عملنا الإعلان، ثم تم اسقاط النظام، تلا ذلك إنشاء تنسيقية لإدارة العمل السياسي، ولحظتها كنا خارج السودان، ولكن الإخوة في التنسيقية حاولوا اختطاف القرار السياسي، وتغييب القوى السياسية التي كانت في الخارج، وهذا مثل بداية خلافنا مع الحرية والتغيير بالداخل، مع العلم بأننا من مؤسسيها. واستمر الوضع هكذا إلى أن أحسسنا أيضاً بروح إقصاء الآخرين من القرار السياسي وإدارة البلد. هذا كان بداية الخلاف، وبعد ذلك تم الاجتماع الشهير في أغسطس (2019)،  قبل أن نذهب إلى التفاوض في أديس أبابا بين كل المجموعات التي تشكل الحرية والتغيير. فتنسيقية الداخل شاركت ونحن أيضاً تنادينا من جميع بقاع العالم، وتحدثنا قبل توقيع الوثيقة الدستورية، والإعلان السياسي الذي حكم الفترة الانتقالية. تحدثنا في أديس حول رأينا في الوثيقة الدستورية وكان رأينا كقوى سياسية قامت بإسقاط النظام ليس هناك مجال أن نتحاور بيننا، لأننا لسنا اعداء ورؤيتنا فقط كانت إضافة فصل في الوثيقة عن قضايا السلام والسلطة والثروة والترتيبات الأمنية وبقية البروتكولات المعلومة، وفي حالة التعارض بين البروتكولات والوثيقة الدستورية تسود أحكام الاتفاق وهم قبلوا بذلك، وتم الاتفاق على إدراج الباب في الوثيقة الدستورية، وبعدها عادوا إلى داخل البلاد. لكن للأسف كثير من القوي السياسية  رفضت رفضاً تاماً إدراج ذلك الباب في الوثيقة، مما أدى لخلاف كبير بيننا مع قوى الحرية والتغيير، التي ذهبت للداخل، وهذا ادي لرفضنا للوثيقة بهذا الشكل والحضور للسودان، إلا بعد التفاوض. لهذا تم التأخير لعام كامل ونحن نتفاوض بجوبا، وأيضا كانت المواقف متباعدة مع جزء من الحرية والتغيير – المجلس المركزي. ورغم هذا استمر الحوار، وجزء منهم حضر إلى جوبا، وتحدثنا عن ضرورة إعادة هيكلة المجلس المركزي للحرية والتغيير، ليشمل قوى الكفاح المسلح للمشاركة في اتخاذ القرار بالتساوي، وهم قبلوا بذلك، وتم تشكيل لجنة مشتركة لإعادة الهيكلة.

وبعد الاتفاق وعودتنا للخرطوم واصلنا المشاورات، وتم تشكيل الحكومة، وكان لحظتها خلاف بين المكون العسكري والمدني، ومشاكل أخري بين المكون المدني والمدني، وتمت إعادة تشكيل الحكومة، وقيام مجلس الشراكة لحل المشاكل السياسية عند حدوث خلافات. نحن كقوى سياسية استمرينا في الحوار مع الحرية والتغيير، ولكن لم نصل لاتفاق لأن  هناك إصرار  على الهيمنة على اتخاذ القرار، فتباعدت المواقف، وهم ذهبوا إلى مؤتمر قاعة الصداقة، ونحن عملنا قوي الوفاق الوطني لقوى الحرية والتغيير،  والتباعد بينا ساهم في تسميم الأجواء بشكل كبير جداً، وكانت هناك مشاكل أيضاً بين المكون العسكري والحرية والتغيير. وفي ظل هذه الأجواء تم التفكير في فض الشراكة أو ما يسمي بالانقلاب، لذلك نحنا أيدنا الانقلاب بهذا الفهم ونتيجة لعمليات الإقصاء، نحن رأينا أهمية تسريع تنفيذ اتفاق جوبا للسلام. كان هذا التفكير بهذا الشكل ،ولكن في نهاية المطاف الذي تم لم يكن سليماً حيث لم يتم تسريع تنفيذ الاتفاق، ولم نتمكن من توسيع مواعين العمل السياسي، وأن نجمع أكبر قوى سياسية ممكنة من أجل تحصين الانتقال، ويساهم الشعب في سياسات الفترة الانتقالية. لكن المؤسف اختطاف القرارات، وهي تمثل باب من أبواب عودة النظام القديم إلى السلطة. وكان هذا الخطأ الذي تم ارتكابه. وبهذا الفهم المؤتمر الاستثنائي راجع القرار، وكثير من أعضاء الحركة واجهزتها المعنية لم تؤيد الانقلاب، ولكن صحيح ان النظام القديم موجود في الأجهزة العسكرية والشرطة. ومن المعلوم أن النظام القديم لم يختفي من الساحة، ولم تكن هناك أي تفاهمات بين الحركة والنظام القديم، لأن الأخير قتل شعبه، وهو ضد الحرية والمساواة والنظام الفيدرالي، والحركة قامت ضد نظام المؤتمر الوطني  القميء، ولن يتمتع الشعب بنظام حكم عادل ويتمتع بثرواته والعدالة والمساواة والحرية في ظل وجود هذه المجموعة، ولابد من خروجها تماماً، ومراجعة أنفسهم.

(*) ملامح التغيير التي يتحدث عنها كثيرون الآن في واقع البلاد بعد الحرب، هل تغير من وضعية اتفاق سلام جوبا؟ خصوصاً وأن السودان جله احترق الآن، ورؤية التمييز الإيجابي يجب أن تكون أشمل في تضمنها لرقعة جغرافية أوسع في التمييز الإيجابي، وليس فقط في دارفور والمنطقتين، هل من رؤية أوسع لما بعد الحرب؟

هذا سؤال مهم وأساسي، لأن الحرب الدائرة الآن كبيرة، وأدخلت البلاد في كارثة حقيقية. وفي نهاية المطاف لابد من الوصول إلى حل، ولكن ولفائدة الحقائق والتاريخ، فمُنذ انقلاب (25) أكتوبر، ظللنا نحن وبعد تشكيل (الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير)، ننادي بضرورة الحوار الشامل لكل القوي السياسية، وتشكيل الحكومة المدنية – ماعدا المؤتمر الوطني – ونبذ الإقصاء لأي من القوى السياسية التي شاركت في إسقاط النظام السابق. وقد طرحنا رؤية سياسية لكيفية الحوار و(الآلية الرباعية، اليونيتامس، الإيقاد، والاتحاد الأفريقي)، دخلوا كمسهلين في الحوار، وهم جزء من العملية السياسية. والحوار كان بين (الحرية والتغيير، والكتلة الديمقراطية، والمكون العسكري،  والالية الرباعية والثلاثية)، وهم جميعاً أطراف العملية السياسية بعد الانقلاب. وكان الحديث كله يدور حول كيفية الوصول إلى صيغة محددة لتشكيل الحكومة المدنية.  هذا كان قبل تقديم رئيس مجلس الوزراء الأسبق (عبد الله حمدوك) استقالته، ثم أعيد مره أخري. فالحراك والحوار استمر هكذا، ولم نصل لأي اتفاق. وفي نهاية المطاف تم إعلان الجلسة الافتتاحية لكل الأطراف (المكون العسكري والحرية والتغيير المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية) في قاعة الصداقة والسلام روتانا في يونيو (2020) لكن للأسف الحرية والتغيير المجلس المركزي انسحبت من الاجتماع، بحجة أن هناك قوى سياسية داعمة للانقلاب، وآخري داعمة للتحول الديمقراطي وقوة الثورة. وهنا حصل خلاف، وكان ذلك الانسحاب الأول، بعده  وفي شهر يوليو (2022) صدر قرار بانسحاب المكون العسكري من العملية السياسية بحسب قرار قائد الجيش (عبد الفتاح البرهان). هذا كان من القضايا المهمة جداً، وكثير من الناس يمرون على القرار سريعاً، لكنه قرار مهم وأساسي جداً في ذلك الظرف من التناقضات الكثيرة. وبموجب القرار يجب ألا يكون الجيش طرفاً في الحوار والعملية السياسية، ومع هذا التناقض لم ينسحب المكون العسكري من العملية السياسية. وكان تفسيرنا للانسحاب هو أن تجتمع القوي السياسية كلها – عدا المؤتمر الوطني – لتصل لمشروع وطني بموجبه تدار الفترة الانتقالية، وتشكل حكومة مدنية. لكن الذي تم عكس ذلك تماماً. وما أن سمعنا بوجود حوار سري بين القوات المسلحة والدعم السريع والمجلس المركزي للحرية والتغيير، تحدثنا مع المكون العسكري  عن ذلك الحوار قائلين هي عبارة عن تفاهمات. لكن في حقيقة الأمر المكون العسكري خرج من العملية السياسية جهراً لكنه عاد للحوار مع المجلس المركزي للحرية والتغيير سراً.  وبعد ان تأكدنا نحن في الكتلة الديمقراطية اعتبرنا الحوار موقف ايجابي حتي تمخض إلى الاتفاق الإطاري الذي لم نكن جزءً منه، وبعد الاتفاق رأينا أنه خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح لجمع الصف الوطني والقوي السياسية التي شاركت في إسقاط النظام، حتى نتمكن من إدارة الفترة الانتقالية. وبعد توقيع الاتفاق الإطاري كان رأينا في الكتلة الديمقراطية أن نكون جزء من الاتفاق. وبالفعل تم الجلوس مع الحرية والتغيير، ونظرنا لمشروع الكتلة الديمقراطية والاتفاق الإطاري، ولم نجد خلاف كبير بين الرؤيتين، وفي النهاية اتفقنا على اتفاق سياسي يليه التوقيع على الاتفاق الإطاري. لكن للتاريخ أن المشكلة في الاتفاق الإطاري  أنه تمت إثارة موضوع الترتيبات الأمنية، لأنه وارد في اتفاق جوبا،  واتفاق جوبا يتحدث عن الترتيبات الأمنية وبناء جيش واحد، وعرف القوات النظامية والدعم السريع وقوات الشرطة. ودمج القوات هو عملية سياسية تنتهي بعملية عسكرية، وبروتكول الترتيبات الأمنية عالج مسألة القوات وكيف نصل لجيش وطني مهني واحد، وعرف القوات النظامية وهي قوات الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع. وعملية الدمج تتم بدمج قوات الكفاح في هذه القوات بشكل متدرج حتي تكون. قوات الكفاح جزء من القوات النظامية، وهي عملية تحتاج لوقت وزمن. لكن في الاتفاق الإطاري تم الحديث عن الدمج بين القوات المسلحة والدعم السريع بشكل مفاجئ جداً، وكان رأينا لحظتها عدم إثارة القضية في الوقت الراهن، ومعالجة الأمر عبر اتفاق جوبا لسلام السودان. ولكن أقحمت هذه القضية في صلب الاتفاق الإطاري، وأنه لابد من دمج الدعم السريع في القوات المسلحة. وكان رأينا أن الحديث لا يكون بهذا الشكل، لأن الدمج يتم وفق اتفاق بين أطراف، كتابة وتشكيل لجان وآليات لذا اعتبرناه إخضاعاً بالقوة، وبلغة حادة جداً. وكان الحديث عن أنهم اتفقوا على الدمج خلال (10) سنوات، ثم الاتفاق على أن يتم  خلال عامين. لكنها عملية غير سليمة وغير صحيحة، وحتى قوات الكفاح المسلح لا يمكن دمجها خلال عامين. ولحظتها كانت عمليات الاستقطاب والشحن عالية جداً، وفيها مؤشرات سلبية، مع وجود الاستعداد من كل الأطراف. وهي عملية كانت غير سياسية، بل سادت لغة استخدام القوة، وكان هناك استعداد من القوات المسلحة للدخول في الحرب، فإما يقبل الدعم بالدمج، وإلا تستخدم ضده القوة. كانت تلك هي اللغة المستخدمة، وكانت لغة خاطئة جداً.

(*) حديث كثير يدور حول تبعية الدعم السريع قبل الحرب للجيش السوداني، ما كان موقفكم ؟

نحن كقوى كفاح مسلح والكتلة الديمقراطية كنا نتحدث أن الدعم السريع جزء من القوات المسلحة، لأنها صنعت الدعم السريع، ولكن كانت هناك نية مبيتة لإخراج الدعم من العملية السياسية بأي شكل من الأشكال، حتى لو كان ذلك عن طريق حرب تؤدي لدمار البلد، وهذا ما تم فعلاً. نحن رؤيتنا كانت أن السودان بموارده يسع الجميع، والقوات المسلحة تسع الدعم السريع، وقوات الكفاح المسلح، ويمكنها بناء جيش وطني واحد يعبر عن كل السودانيين بعيداً عن أي استقطاب سياسي وأيدلوجي، وبعيداً عن الأحزاب، وأي إثنية محددة تهيمن على القوات المسلحة، ولدينا فرصة لبناء جيش وطني كبير. لكن من الظاهر أن الأنانية وضيق الأفق والإقصاء وعدم قبول الآخر، والرغبة في الحرب كانت واضحة جداً لإخضاع الدعم السريع بقوة السلاح، وهي لغة النظام القديم الذي أدخل البلد في هذه الحرب اللعينة. كانوا يعتقدون أن باستطاعتهم حسم الدعم السريع خلال (72) ساعة، يتجهون بعدها لإخضاع قوى الكفاح المسلح بالقوة، ويستمروا في القهر والكبت. لكن كانت حساباتهم خاطئة، وكانت إرادة الله غالبة. لذا لابد من التعلم من هذه التجربة، وبناء سودان جديد .

(*) كثر الحديث عن استخدام الجيش للكتلة الديمقراطية كأداة، ما حقيقة الأمر؟ هل حقاً تم استخدمها لتحقيق مآرب تخص القائد العام للجيش؟

هناك رغبة من الجيش وقائده العام عبد الفتاح البرهان للاحتفاظ بالكتلة الديمقراطية لاستخدامها في أي وقت من الأوقات في العملية السياسية، ولديه رغبة حقيقية في جمع القوى السياسية كلها في جسم واحد لتوقيع الاتفاق الإطاري بشكل جمعي، ولتفويت فرصة أن تكون الحرب قائمة، ولكنهم يتحملون المسؤولية التاريخية، لأنهم كانوا يناورون مناورات سياسية في قضايا استراتيجية، واستخدام الكتلة الديمقراطية في الوقت المناسب. وكان من الممكن عدم إدخال البلاد في هذه الحرب، وذلك بالتوحد بين جميع القوي السياسية ماعدا المؤتمر الوطني، وذلك بتوقيع الاتفاق الإطاري، وإخراج السودان لبر الأمان. لكن للأسف رغبة الاستمرار في السلطة ودكتاتورية للنظام القديم، أدخلت البلاد في هذه الحرب، وسببت الدمار الكبير .

(*) الحركة لديها وجود عسكري وأمني في البلاد، من خلال هذا الوجود، إلى ماذا توصلتم حول من أشعل الحرب، خصوصاً وأن هناك جدلاً واسعاً حول من أطلق الرصاصة الأولى، وفق معلوماتكم الأمنية ما حقيقة ما حدث ؟

القوات المسلحة قررت الدخول في الحرب بما لديها من سلطة وقوة لإخضاع الدعم السريع بقوة السلاح، وبدأت الحرب من المدينة الرياضية، وحسب المعلومات المتواترة بأن الجيش بدأ الضرب في المدينة الرياضية. أعتقد أن الطرفان كانا على استعداد للحرب، ومعلوم أن نظام المؤتمر الوطني مؤيد لهذه الحرب بشكل فاضح، والأدلة معروفة عبر أحاديث من خرجوا من السجون من قيادات المؤتمر الوطني لمواصلة القتال، فهم قوم يحبون السلطة حتى ولو دمروا البلاد، وحديث الهارب من السجن القيادي بالمؤتمر الوطني المحلول، (أحمد هارون) بدعم القوات المسلحة، لكن إرادة الله غالبة، وسيتم السلام بإرادة الشعب، وإعادة بناء جيش قومي مهني لا يقتل الشعب، ولا يُدمر البلد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار