السودان

أماني الطويل تكتب .. ما خيارات البرهان بعد محاولة اغتياله؟

الذهاب إلى طاولة التفاوض قد يكون فرض عين أمام الجيش وحلفائه واعتماد “الدعم السريع” طرفاً بديلاً وارد على الصعيد الغربي لتحقيق مصالحه

أماني الطويل كاتبة وباحثة

ملخص:

الوقت ضيق أمام البرهان لتحديد خياراته في ظل التحديات الداخلية التي يواجهها، ويبدو أن مسؤولية الوصول إلى المنصة التفاوضية تتعلق أيضاً بأطراف النظام القديم الذي تضيق خياراته كذلك.

شكلت محاولة اغتيال قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان متغيراً جديداً في مشهد سوداني يحاول الجميع إنقاذه في مساحة الميل الأخير إلى تفكيك الدولة بكل مؤسساتها، وبطبيعة الحال شهدت محاولة الاغتيال نفسها محاولات تفسير بدت بأنها مصنوعة، وانتهت بأن المسؤول عنها قوات الدعم السريع.

وربما يكون الأهم من تحديد المسؤولية عن محاولة الاغتيال هو ماذا طرحت هذه المحاولة من متغيرات على المشهد السوداني؟ وما إمكان الوصول إلى محطة تفاوض سويسرا التي تتطلع إليها قطاعات واسعة من الشعب السوداني بهدف وقف إطلاق النار؟ وأخيراً ما الخيارات المطروحة أمام العواصم الإقليمية إزاء التطورات السودانية مع طبيعة انعكاساتها الإقليمية، وتحديداً على الصعيد الأمني والاجتماعي لهذه الدول وحال التفاعل معها؟

معضلات أمام قرار التفاوض:

معطيات وصول البرهان إلى محطة التفاوض في سويسرا المقرر لها الأسبوع الثاني من الشهر الجاري لا تبدو متوافرة حتى اللحظة الراهنة، ليس فقط بسبب محاولة اغتياله واضطراره أن يعيد مشهد التشدد برفض المفاوضات والاستمرار في مقاتلة “الدعم السريع”، ولكن أيضاً بسبب معطيات ميدانية داخلية، ذلك أن قرار التفاوض يحتاج إلى اتفاق بين القادة العسكريين السودانيين الكبار، وهو أمر يبدو غير متوافق عليه حتى اللحظة الراهنة، إذ يدعم تقديرنا هذا موقف مساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا الذي أعلن من منصة التلفزيون الرسمي حصول قواته على إمدادات أسلحة كبيرة ونوعية، وكذلك بدء تشكيل تحالف دولي من قوى عظمى وكبرى من خارج الإقليم وداخله داعم لموقف الجيش، ينتظر أن ترجح ميزان القوى العسكرية لمصلحة الجيش السوداني.

وقرار التفاوض من جانب البرهان يحتاج أيضاً إلى صياغة توافق مع الحلفاء السياسيين للجيش، سواء على صعيد أطراف نظام البشير بمرجعياته الإسلامية، أو أطراف الفصائل المسلحة المقاتلة في دارفور والتي بات بعض أطرافها متطلعاً إلى أن يشارك الجيش الرسمي طرفاً إضافياً في المفاوضات المزمعة إن عقدت، بينما يطالب الإسلاميون ويضغطون من أجل الاعتراف بحكومة الأمر الواقع سبيلاً وحيداً للحفاظ على مصالحهم ووجودهم في المعادلة السياسية المستقبلية إن وجدت، ومن هنا فإنهم يرفضون أن يذهب الجيش بصفته العسكرية المجردة إلى هذه المفاوضات.

أما الطرف الثالث المطلوب تهيئته لا الاتفاق معه لقبول البرهان مبدأ التفاوض، وقبول ممثلي آل دقلو شركاءهم في القطاعات الجماهيرية السودانية الواسعة التي جرى شحنها وتحريضها على عدم الاعتراف بـ “الدعم السريع” طرفاً متفاوضاً معه، وأن استمرار الحرب هو السبيل الوحيد إلى العودة للبيوت والمدن والقرى، فهذه القطاعات تتطلع إلى الجيش منقذاً لها وآلية لجبر خواطرهم عن هلع وقهر تعرضوا له.

وهذه التحديات التي يواجهها البرهان على الصعيد الداخلي يواجه بالتوازي معها تحدي الصدقية على الصعيد الدولي، إذ يبدو الرجل رافضاً مبدأ التفاوض على مدى العام ونصف العام الماضي، بينما لم يستطع الجيش الدفاع الواقعي عن الأراضي السودانية في جهات ليست بالقليلة، كما أنه يبدو مطوقاً بمعطيات “مفاوضات جدة” التي يعد أهمها قبول “الدعم السريع” شريكاً متفاوضاً معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار