السودان

سجناء في دهاليز الحرب .. الانقلابيون يعترفون بإطلاق سراح رموز نظام البشير

تقرير: راينو

مع انطلاق أول رصاصة في حرب 15 أبريل، وجد آلاف السجناء بالخرطوم أنفسهم خارج الأسوار التي ظلوا قابعين فيها لعشرات السنوات. وانطلقت عمليات فرار السجناء هذه من ثلاثة سجون رئيسية هي سجون “الهدى، سوبا، وأم درمان للنساء”، وتشير الإحصاءات إلى أن مجموع السجناء الذين حررتهم الحرب يقدر بسبعة آلاف سجين، من معتادي الإجرام والمحكوم عليهم بالإعدام وجرائم الشيكات، بما في ذلك منسوبي “المؤتمر الوطني”، المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بالفساد، والانقلاب على النظام الدستوري في العام “1989”.

اعتراف متأخر:

وشهدت عملية إفراغ السجون اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب، وتنصل كل طرف عن مسؤولية إطلاق سراح السجناء، لاسيما أصحاب الجرائم الخطرة.

 وكان الجيش السوداني اتهم قوات الدعم السريع بضرب سجن “الهدى” لتحرير السجناء عنوة، وحينها نفت قوات الدعم السريع أن تكون هي من أطلقت السجناء، واتهمت الجيش السوداني بفتح بوابات السجون لتحرير عناصر المؤتمر الوطني، حيث تكررت العملية في ولايات مختلفة شملتها العمليات العسكرية مثل ولاية الجزيرة وولايات دارفور وسنار.

وبعد 15 شهراً من الصمت، اعترفت سلطات الأمر الواقع بإطلاق سراح النزلاء، وهو الأمر الذي كانت تنكره سابقاً وتتهم به قوات الدعم السريع، وعلى لسان وزير الداخلية المكلف “خليل باشا سايرين”، الذي قال في تصريحات لقناة “العربية”، إنهم أطلقوا سراح قادة نظام البشير السابق، “على أن يتواجدوا في مناطق آمنة”.

 وأضاف الوزير:(أطلقنا سراح “19.790” سجيناً خلال الحرب، لكن نحو ثلاثة آلاف محكوم عليهم بالإعدام، فروا من السجون أيضاً)، مشيراً إلى أن الرئيس السابق “عمر البشير” وبعض السياسيين، ما زالوا متواجدون في مستشفى “السلاح الطبي” بأمدرمان، معيداً للأذهان بيان اللجنة الأمنية للرئيس المعزول عمر البشير، حينما خرج وزير الدفاع عوض بن عوف وتلا بيان اللجنة أمام المعتصمين في القيادة العامة قائلاً:(إن القوات المسلحة قامت بالتحفظ على رأس النظام في مكان آمن).

فذلكة وكذب:

وتعليقاً على حديث وزير الداخلية يقول الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية “تقدم”، “بكري الجاك”، إن الحقيقة التي يعلمها كل السودانيين أن بقايا نظام البشير من تحالف المال والسلطة، كانوا يعتقدون أن بإمكانهم إجراء تغييرات جزئية، والسيطرة على التغيير في السودان، وهزيمة ثورة ديسمبر. وحين فشلت الخطة “أ”، قاموا بالانقلاب في اكتوبر “2021”، كخطة “ب”، وحين فشل الانقلاب ووجد مقاومة من كل القوى السياسية والمدنية، ذهبوا إلى الحرب كآخر خيار، لمسح مشروع التغيير والثورة من ذاكرة الشعب السوداني. وما زالوا يؤججون الحرب وخطاب الكراهية لنقل الصراع الى مربع سياسي جديد يقوم على إعادة الاصطفاف فى المجتمع السوداني ليس على أساس الموقف من الثورة والتغيير وإنما اصطفاف اثني ومناطقي وأيدولوجي.

 ويؤكد “الجاك” في تصريح لـ”راينو”، أنه يجب بالضرورة فهم الموقف من إطلاق سراح سجناء نظام البشير في هذا السياق، و أي حديث عن أنهم موجودين و معتقلين في مناطق آمنة، هو محض “فذلكة” وكذب صريح، فمثلاً السجين “أحمد هارون”، المطلوب لدى محكمة الجنايات، هو من الذين يعملون في دعم المجهود الحربي والحشد للقتال.

وشكك “الجاك” في نية سلطة الأمر الواقع في إجراء حتى التحفظ على هؤلاء المجرمين، بعد أن سمح لبعضهم باستخراج أوراق رسمية، ومغادرة البلاد. وأضاف:(نحن نعلم أنه لو بإمكانهم لأعادوهم إلى السلطة، وليس إلى السجون).

وقال الناطق باسم “تقدم”، إنه على وزير الداخلية المكلف، أن يخبر الشعب السوداني كيف يحمي نفسه من عصابات الإنقاذ، قبل أن يحمي نفسه من الثلاثة آلاف سجين المحكوم عليهم بالإعدام، فالمحكومين بالإعدام  ربما تكون إدانتهم في قتل نفس واحدة، أما “عصابة البشير”، فقد أشعلت النار في طول البلاد وعرضها، حتى شردت 25 مليون مواطن، من بينهم 10 ملايين لاجئ، ومع ذلك لا تكترث لما حدث، وما سيحدث للسودانيين جراء استمرار الحرب.

حلم الإسلاميين بالسلطة:

وفي سياق التحليلات التي تشير إلى أن الحرب في الأساس كانت تستهدف تصفية ثورة ديسمبر، عملت سلطات الحرب على إطلاق سراح منسوبي الحركة الإسلامية بدء من انقلاب 25 أكتوبر، الذي اعقبه إطلاق سراح أعداد كبيرة من المقبوض عليهم على ذمة تحريات في جرائم فساد، وألغيت كل قرارات لجنة إزالة التمكين. وفي هذا الشأن يرى الخبير القانوني “عمر عثمان” أن مثل هذه الجرائم ل اتسقط بالتقادم، وستجد طريقها إلى العدالة متى ما استقر الوضع السياسي في الدولة. وقال في تصريح لـ”راينو”، إن الخطورة تكمن في فرار هؤلاء المتهمين، وتهريب الأموال خارج البلاد.

من جانبه قال المحلل السياسي “محمد السيد” أن قادة الجيش، و”ما يسمون أنفسهم بالمجلس السيادي”، قاموا بإطلاق سراح رموز النظام المباد كمكافئة للمجموعات الإسلامية والقبلية التي اعتصمت أمام القصر الجمهوري في أكتوبر “2021”، وخنقت الحكومة الانتقالية، وتسببت في إسقاطها وفرملة لجنة إزالة التمكين بعد أن وصلت مراحل بعيدة في كشف فساد الحركة الإسلامية، وضربها اقتصادياً.

ويؤكد “السيد” في تصريحه لـ”راينو”، على أن ذات المجموعات دعمت وتدعم البرهان، وهي التي تدفعه نحو الحرب الآن، وهي من تعرقل وصوله إلى طاولة المفاوضات، وهي لاتزال متشبثة بالسلطة، وتحاول الرجوع إلى المشهد تحت مظلة الجيش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار