السودان

وفد الجيش في جنيف .. هل يمكن ان يحدث اختراقاً في المفاوضات الإنسانية

تقرير: راينو

أمام حشد من مؤيديه بمدينة عطبرة، أعاد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ذات الخطابات القديمة المتطرفة في الوعيد بمواصلة الحرب العبثية التي تدور منذ 15 إبريل 2023م دون جدوى، ولم يحرز فيها الجيش السوداني أي مؤشرات للحسم العسكري، بل فقد الكثير من مناطق سيطرته، في وقت ماتزال قوات الدعم السريع تتمدد نحو الفرق العسكرية بولايات البلاد.

ووعد البرهان بمواصلة الحرب إعلانه عن رفض أي خيار لوقف الحرب سلمياً، يأتي ووفده يمارس المراوغة بالعاصمة السويسرية جنيف، أمام وفد من الأمم المتحدة الذي يحاول إقناع طرفي الحرب السماح بإفساح الطريق للغذاء الذي ضل طريقه المفترض نحو بطون النازحين الخاوية.

امتناع وفد الجيش:

 وتجئ محادثات جنيف بناء على دعوة من مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، رمضان العمامرة، الذي يلعب دور الوسيط والمفاوض بين الطرفين المتحاربين ، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

في كل جولة مفاوضات يضع وفد الجيش السوداني العراقيل أمام كل جهود لإنهاء الحرب، لتنتهي جولة التفاوض كما بدأت..

و تهدف مفاوضات جنيف لوقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وإيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين ، وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت وصول الطرفين للدخول في محادثات غير مباشرة، إلا أن وفد الجيش السوداني الذي حضر إلى جنيف لم يجلس إلى التفاوض ، وبحسب تصريح رسمي للسلطات السودانية أن الوفد الممثل لحكومة السودان في هذه المداولات تترأسه سلوى آدم بنية، مفوض العون الإنساني، ويضم الوفد ممثلين للوزارات والجهات ذات الصلة بالعمل الإنساني، وقال تصريح الحكومة “رغم طبيعة الدعوة المقدمة من المبعوث الشخصي التي تشير إلى مناقشات غير مباشرة وليس عملية تفاوض، لم يتلق وفد حكومة السودان بعد بضعة أيام من وصوله إلى جنيف أية أجندة أو برنامج عن هذه المداولات”.

 وحمل التصريح الحكومي أيضاً “قد طُلِب من الوفد الذهاب إلى قصر المؤتمرات بجنيف خلافاً للطبيعة غير المباشرة للمناقشات غير المباشرة وهو أمر لم ير فيه الوفد الحكومي داعياً، ويتناقض مع التفاهم حول عدم الإشهار الإعلامي لهذه المناقشات الأمر الذي طالب به الممثل الشخصي للأمين العام”.

مقترح أمريكي:

وكانت مصادر دبلوماسية، كشفت لـ”راينو” عن دفع الولايات المتحدة الأمريكية في محادثات جنيف بمقترح مفصل بشأن الممرات الآمنة لتوصيل المساعدات الإنسانية.

وقالت إن المقترح تضمن خرائط وإحداثيات محددة للممرات ومناطق عبور المساعدات. وأكدت ذات المصادر، التي تحدثت لـ”راينو”، أن المحادثات غير المباشرة لم تشهد اختراق لجهة أن وفد الجيش دائمًا ما يتعنت في إبداء الموافقة على المقترحات المطروحة.

الدفع بالإسلاميين:

إلى جانب ذلك أكد مصدر بقوات الدعم السريع لـ”راينو” حضور كل الوفود وذهابها في الموعد المحدد سلفاً في أول جلسة يوم الخميس الماضي، ليتفاجأ الجميع بعدم حضور وفد الجيش السوداني إلى القاعة، وتكرر الأمر لليوم الثاني على التوالي، ويشير المصدر إلى أن وفد الجيش طلب من الامم المتحدة أن تتناول المحادثات وقف اطلاق النار، إلا أن الأمم المتحدة أخبرتهم بأن المباحثات تتعلق بالشأن الانساني وايصال المساعدات وليس من أجندتها مناقشة المسائل العسكرية، ثم طلب وفد الجيش إشراك عدد من الإسلاميين ابتعثتهم الحكومة، بحجة أن “الموضوع مدني، وهؤلاء لديهم خبرة في هذا الشأن”.

 وبحسب المصادر التي تحدثت لـ”راينو”، فإن الأمم المتحدة رفضت طلب الجيش، باعتبار أن الدعوة مخصصة لوفود الطرفين المشاركون في مفاوضات جدة، ليعود وفد الجيش بعد ذلك ويعلن موافقته وحضوره للجلسات دون شروط وبعد ساعات من موافقته أخيراً رفض التفاوض جملة وتفصيلاً بعد تصريحات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بعطبرة .      

 وانطلقت المباحثات يوم السبت بين الأمم المتحدة وقوات الدعم السريع بدون وفد الجيش برغم وجوده بجنيف.

انشغال المجتمع الدولي:

منذ بداية الحرب في قبل أكثر من عام، لم يفلح المجتمع الدولي في الضغط على طرفي الحرب لإنهاء الصراع العسكري الذي تسبب في أزمات إنسانية صعبة، كما يشير المحلل السياسي “عثمان أحمد” لـ”راينو” إلى أن أمريكا وغيرها من واجهات المجتمع الدولي لم يملكوا من كروت الضغط على الطرفين لاسيما الجيش السوداني الذي يمارس التعنت في كل جولة ، حتى سلاح العقوبات الذي فرض على شركات وشخصيات متورطة في الحرب من الطرفين لم يعد ناجع نسبة للتحايل عليه من قبل طرفي الحرب ، مؤكداً أن إنهاء الحرب وتوصيل المساعدات مبني على رغبة طرفي الحرب وقد أثبتت التجارب ذلك ، وقال “رأينا كيف يتجاهل المجتمع الدولي الأزمة الإنسانية في السودان لانشغاله بملفات أخرى”.

الحقيقة مجردة:

من جانبه استدعى مصدر سياسي مقرب من دوائر الحركة الشعبية شمال بقيادة “عبد العزيز الحلو”، المفاوضات التي جرت بين الجيش وبين الحركة قبل ما يقارب الشهر حول المساعدات الانسانية، وكشف لـ”راينو” عن أنه برغم إعلان الجيش أن المفاوضات آنذاك حول المساعدات، إلا أن الحقيقة أنه بتاتا لم يتم التطرق لموضوع المساعدات الانسانية وحاجة شعبنا لها، فالجيش لم يكن مهموما بذلك وقال:(الحقيقة أن “كباشي” طالب بفتح ممرات لنقل سلاح الى مناطق تمركزات لقوات الجيش عن طريق مناطق سيطرة الحركة). وتابع:(أراد مفاوض الحركة الرفض بشكل ذكي فاشترط للموافقة الحصول على “50%” من السلاح، فرفض “الكباشي”، وعاد وبعد أسبوع ليعلن موافقته، إلا أن الحركة رفضت الأمر جملة وتفصيلاً،

مبيناً أن الجيش في “جنيف”، جاء فقط للتشويش وذر للرماد في العيون، وليس من أولوياته اي مساعدات انسانية للسودانيين، بل يريد أن يُماطل المجتمع الدولي، لأنه ليس جيشاً، بل ميليشيا حكومية تأتمر بأمر الإسلاميين “الذين يريدون الانتقام من السودانيين كما هي عادتهم بسبب الاطاحة بنظامهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار