السودان

تباين خطابات قادة الجيش .. الصراعات الداخلية تهدد وحدة المؤسسة العسكرية

تقرير: راينو

أصبحت التباينات والخلافات بين قادة الجيش السوداني واضحة، ومربكة للمشهد السوداني أكثر من ذي قبل، على خلفية ما تعكسه تلك الخطابات والتصريحات المتواترة والمتناقضة لقادة الجيش في قضايا مصيرية كثيرة، مثل الموقف من وقف الحرب، وصناعة المليشيات وتفريخ مجموعات عسكرية مرتبطة بالنظام المُباد يتزايد خطرها كل يوم، تحت عنوان المقاومة الشعبية.

تباينات واختلافات:

كان نائب القائد العام للجيش السوداني “شمس الدين كباشي” أكثر جرأة، عندما خرج يوم الخميس الماضي بولاية “القضارف”، مُحذرا من خطر المقاومة الشعبية المسلحة التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة، ومشدداً على عدم استغلال المعسكرات النظامية من قبل أي حزب سياسي برفع شعارات بخلاف التي تعبر عن قومية القوات المسلحة، وبدا واضحا أن حديث نائب قائد الجيش موجه إلى التنظيم الإسلامي الذي يقاتل تحت مظلة الجيش.

وبالمقابل ينشط مساعد القائد العام للجيش “ياسر العطا” في التحريض وتعبئة المدنيين لحمل السلاح وتوليد كتائب وتشكيلات عسكرية جديدة، وفي الفترة الماضية ومن خلال زياراته لعدد من الولايات، وجه العطا ولاة الولايات بترتيب المستنفرين، وقال العطا خلال تصريحات نشرتها الصفحة الرسمية للقوات المسلحة وقتها:(يجب ترتيب المستنفرين في شكل كتائب، على أن تكون كل كتيبة على رأسها سرية من قدماء المحاربين).

وقال أيضا إن “المقاومة الشعبية” ستكتب تاريخاً جديداً للسودان، وأن القيادة مستمرة في تسليح المستنفرين بكافة أنواع التجهيزات القتالية والأسلحة.

رسائل الكباشي:

وعقب ظهور تلك التباينات في العلن، يرى مراقبون أن الجيش يعاني من عدم الانضباط، مع كثرة الخطابات الارتجالية المتطرفة التي أثرت على صورة المؤسسة وجعلتها عرضة للنقد المتصاعد، مستحضرين خطابات العطا في شأن بعض الدول الإقليمية، على الرغم من أنه شأن يخص الخارجية سواء كان مضمون الخطابات سلبياً أو إيجابيا تجاه تلك الدول.

فيما قال الصحفي والمحلل السياسي فائز السليك لـ”راينو” إن نائب قائد الجيش، “شمس الدين الكباشي” حرص في خطابه بالقضارف يوم الخميس الماضي على إرسال عدة رسائل في بريد عدة جهات تمهيدا للعودة إلى منبر جدة للتفاوض مع الدعم السريع. وجدد تأكيده على ما ظل كثير يحذرون منه مثل خطر التسليح بلا حدود أو ضوابط، وتسييس الحرب، وعدم الانضباط داخل الجيش وسيطرة مليشيات هيئة عمليات جهاز الأمن وكتائب البراء الأجنحة المتطرفة للإسلاميين على المشهد.

وأضاف “السليك” أن “شمس الدين كباشي” بدا حذراً من الإسلاميين ونفوذهم داخل الجيش، ومن إمكانية تأسيس جيش موازي جديد، ومتطرف دينيا”

وبحسب السليك، سيرحب دعاة السلام في الداخل وفي القوى الإقليمية والدولية التي تخطط لإنهاء الحرب في السودان بتصريحات الكباشي، ومع كل ذلك يبقى السؤال حول قدرة الكباشي عبور حقول ألغام سوف يضعها دعاة الحرب في طريق أي خطوة نحو السلام، هي ألغام ستزرع من حول الكباشي نفسه، وقال السليك “رأينا ذلك بعد عودته من المنامة في شهر يناير الماضي، وتراجعه عن اتفاق مبادئ مع قائد ثاني قوات الدعم السريع.

ما وراء الحدود:

تسجيل منسوب للواء “إبراهيم الخواض” مدير مكتب القيادي بالحركة الإسلامية “علي عثمان محمد طه”، اعتبر فيه حديث نائب قائد الجيش “شمس الدين كباشي” حول خطر التسليح، بأنه كلام خطير في حق الشباب المستنفرين الذين قاتلوا طيلة التسعة شهور وفيهم من بترت أطرافه وفيهم من قتل، وبحسب ما حمل التسجيل قال الخواض:(على الكباشي إن يحفظ للمقاومة الشعبية حقها وكرامتها في الدفاع عن الوطن، بدلاً عن هذه التصريحات التي لا تمثل قيادة الجيش، وعلى الجيش أن يضبط حديثه)، وزاد:(البرهان قال أي زول يجي بسلاحه).

فيما كتب الصحفي والمحلل السياسي الإخواني “ضياء الدين بلال”:(من الواضح أن هنالك مساحات تضيق وتتمدد بين ثالوث القيادة البرهان، كباشي، العطا).

وبحسب “ضياء الدين”، فإن الكباشي ينظر إلى ما وراء الحدود والعطا مركز مع الحشود، والبرهان “عين جوه وعين برة”. وأبدى الصحفي ضياء الدين بلال تخوفه من اشتعال الحريق في كابينة القيادة وقال:(الخوف كل الخوف أنه وقبل انتهاء مهمة القضاء على المليشيا أو بعدها يشتعل الحريق في كابينة قيادة الجيش).

تبادل أدوار:

سيناريو الاختلاف والتباين بين قيادات الجيش – أو مثلث الشر كما يراهم البعض – بدا مطابقاً لما كان سائداً فيما مضى، إبان عهد النظام المباد. إذ ترى تحليلات أن البشير في السابق – خصوصا بعد حرب أبو كرشولا – كان توجهه العام هو تصعيد الضباط من ذوي الكفاءة، بعدما حدث في الحرب. بينما كان رأي مساعده للشؤون السياسية والتنفيذية “نافع علي نافع” أن يتم تصعيد الضباط المنتمين للتنظيم، بينما ظل موقف “على عثمان” على الدوام هو الانحياز لما يريده البشير باعتباره ممثل الجيش، لجهة إن “علي عثمان” كان مصراً على ضرورة استقرار التحالف ما بين الجيش والحركة الإسلامية، لأن ذلك يضمن بقاءهم في السلطة. بالتالي وقتها مرت رؤية البشير وهو ما قفز بـ”عماد عدوي” ومن معه لدائرة الأضواء، رغم عدم انتمائهم لتنظيم الإسلاميين.

ويستدل أنصار هذه التحليلات على أن ما يحدث حاليا مشابه لما حدث آنذاك وإن اختلفت الشخوص، وأن التصريحات المتضاربة ما هي إلا تبادل للأدوار، وأن الهدف الحقيقي من إبراز هذا الاختلاف، هو إيجاد مساحة لرفع سقوف المساومة مع المجتمع الدولي والإقليمي، في سياق تعبير هذه القيادات عن تيارات ومواقف سياسية، بحيث يمثل التيار المتطرف هدفاً للإرضاء من قبل الباحثين عن وقف للحرب، وهو ما يضمن بقاء الإسلاميين في المشهد القادم، ولو تكتيكياً ومرحلياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار