السودان

اغتيال صحفي بدارفور يثير مخاوف من تصفيات عرقية يرتكبها الجيش

تقرير: راينو – فُجعت الأوساط الصحفية في إقليم دارفور بشكل خاص، والسودان بشكل عام، باغتيال الصحفي “خالد بلل” على أيدي مسلحين من الفرقة السادسة مشاة، التابعة للقوات المسلحة بمدينة الفاشر، وذلك في يوم الجمعة الماضي، داخل منزله بحي “ديم سلك”، الواقع في مناطق سيطرة الجيش. وكان خالد موظفاً بوزارة الثقافة والإعلام، ثم انتقل إلى العمل بمكتب إعلام مفوضية الرحل والرعاة، بولاية شمال دارفور.

وتسببت الجريمة في إحداث مخاوف واسعة وسط الصحفيين بدارفور، وذلك لما تسببه من تهديد خطير على حياتهم أولًا، وحرية عملهم التي تتطلبها المهنة ثانيًا.

تشفي في الاغتيال:

وبحسب “الصادق عبد الرحمن سالم”، وهو ابن عم القتيل، فإن الصحفي “خالد بلل” ونتيجة للمضايقات التي تعرض لها أفراد من القبائل العربية في مدينة الفاشر، خصوصاً في الأحياء الغربية المتاخمة لقيادة الجيش، اضطر للنزوح إلى منطقة “أم سيالة”، ولكنه عاد إلى منزله بعد فترة، بغرض حماية ممتلكاته من السرقة.

وأضاف:(في يوم الحادثة، وصلت والدته وشقيقته للاطمئنان عليه. وفي أثناء تواجد ثلاثتهم داخل المنزل، تفاجأوا بمجموعة من عساكر الجيش تسللوا من ناحية مقابر ديم سلك، قبل أن يتسوروا المنزل، ويطلقوا النار مباشرة على خالد، ليقع على الأرض قتيلاً. ومن ثم ابتعدوا مسافة “20” متراً، وقصفوا المنزلة بدانة “أربجي” أدت لتدمير جزءً منه وإصابة والدته بجراح خطيرة، لا تزال تتعالج منها بالمستشفى).

أسباب عرقية:

وأكد سالم، أن مقتل خالد كان على أساس العرق، حيث ينتمي المغدور إلى قبيلة “الرزيقات”. وأشار إلى أن كل أفراد القبائل العربية في مدينة الفاشر، وفي سوقها الكبير بالتحديد، تعرضوا لمضايقات من استخبارات الجيش، بقيادة العقيد ركن “علاء الدين”، بالتعاون مع الحركات المسلحة – مجموعتي “جبريل إبراهيم” و”مني أركو مناوي”، واتهم الاستخبارات بتسميم أجواء مدينة الفاشر، “وذلك من خلال سعيها الدائم لخلق نزاعات إثنية تهدد النسيج الاجتماعي بين القبائل التي تقطن المدينة. وكانت الفاشر تضم العديد من القبائل التي تعيش في سلام ووئام”.

اعتقالات وسط رجال الشرطة:

قال الصادق سالم، إن الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش، جندت مجموعة قبلية كبيرة – لم يسمها – لجمع المعلومات عن أفراد القبائل العربية، وذلك باعتبار أنهم “موالون” لقوات الدعم السريع. وسبق ذلك عملية اعتقال مساعد شرطة، واثنين يتبعون لشرطة المحاكم برتبة عريف، بمدينة الفاشر. وهؤلاء جميعا اعتقلوا لمدة (45) يوماً، تعرضوا فيها للتعذيب الجسدي والنفسي، لا لسبب سوى انتمائهم للقبائل العربية. أيضاً اعتقل مساعد من شرطة الجمارك بزي الشرطة، ومن داخل مكاتب الجمارك. واقتيد ثلاثة من عناصر شرطة المرور – بزيهم الرسمي – من مكاتبهم، وتم احتجازهم لفترة طويلة. وأشار “سالم” إلى وجود “فرز اجتماعي” خطير، تشهده مدينة الفاشر.

رابطة الصحفيين تدين اغتيال بلل:

ونتيجة لعملية الاغتيال هذه، أبدى عدد من الصحفيين في إقليم دارفور تخوفهم من أن يكونوا مستهدفين، وقالت “رابطة صحفيي وإعلاميي دارفور” في بيان لها، إنها تدين اغتيال الصحفي “خالد بلل” بسبب الانتماء لمهنة الصحافة، وتقرع ناقوس الخطر على حياة منسوبيها، مشيرة إلى أن اغتيال “خالد” بهذه الطريقة، هو بمثابة رسالة واضحة لجميع الصحفيين والإعلاميين، وهي – بطبيعة الحال – رسالة تهدد حق الحياة والحرية، ولا تضع اعتبارًا للقوانين الدولية لحماية الصحفيين.

وناشدت الرابطة المنظمات المحلية والإقليمية والدولية بتقديم المساعدات الفنية والإنسانية للمتضررين من هذه الحرب، كما طالبت طرفي الصراع بحماية الطواقم الصحفية والإعلامية وفق القوانين الدولية التي تنظم شكل العلاقة بينهما والعمل الصحفي والإعلامي.

تحقيق عاجل:

وفي سياق متصل، طالبت الصحفية “حواء داؤود”، بإجراء تحقيق عاجل في مقتل الصحفي “خالد بلل”، وتحديد هوية القتلى، وتقديمهم لمحاكمات عادلة. كما ناشدت طرفي الصراع باحترام القوانين التي تنظم عمل الصحافة. الجدير بالذكر، أن الاستخبارات التابعة للجيش، درجت ومنذ بداية الحرب، على اعتقال وتعذيب وتصفية العديد من المدنيين وفقاً لانتماءاتهم القبلية. ووقع ضحية لذلك عمالاً كانوا يعملون في مناطق التعدين، وطلاب خلاوي وجامعات، وأسر تقطن المناطق التي يسيطر عليها الجيش، وجرى اصطياد العديدين منهم في الولايات الشمالية ومناطق من مدينة أمدرمان. يحدث ذلك في ظل أنباء عن وجود سجون متعددة، أبرزها يقع في مدينة “عطبرة” بولاية نهر النيل، وهي ممتلئة بالمدنيين الذين لا تربطهم صلة بالدعم السريع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار