السودان

العقوبات الاقتصادية على طرفي الحرب .. السلاح الذي لم يصب الهدف

تقرير: راينو

ضمن سلسلة تحركات دولية في إطار تضييق الخناق على طرفي الحرب في السودان، فرض الاتحاد الأوروبي، عقوبات على ست شركات متورطة في تمويل وتسليح المجموعات المتحاربة، من بينها شركات تابعة للجيش السوداني، وأخرى متورطة في توفير المعدات العسكرية لقوات الدعم السريع. وجاء قرار المجلس الأوروبي على خلفية إن الشركات الستة مسؤولة بشكل مباشر عن دعم الأنشطة التي تقوض الاستقرار والانتقال السياسي في السودان.

شركات مملوكة لطرفي الحرب:

ومن الشركات التي شملها قرار العقوبات، ثلاث شركات مملوكة للجيش السوداني وهي:(منظومة الصناعات الدفاعية وشركة “smt” للصناعات الهندسية – المسؤولتين عن تصنيع الأسلحة والمركبات – إضافة إلى شركة “زادنا العالمية للاستثمار المحدودة”، التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية)، إلى جانب عقوبات فرضت على ثلاث شركات يسيطر عليها الدعم السريع. وهي (شركة الجنيد للأنشطة المتعددة المحدودة، وشركة “تراديف” للتجارة العامة المحدودة، وشركة “gsk”  أدفانس المحدودة)، وهي شركات تعمل على شراء المعدات العسكرية لقوات الدعم السريع.

وقرر المجلس الأوروبي تجميد أصول الشركات المدرجة وحظر تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية لها أو لمصلحتها بشكل مباشر أو غير مباشر. وبحسب احصاءات سابقة فقد بلغ عدد الشركات التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية، التي تخضع بدورها إلى وزارة الدفاع، أكثر من 200 شركة في العام 2020. ويبلغ العدد الإجمالي للشركات العسكرية حوالي 250 شركة، بما فيها تلك التابعة لقوات الدعم السريع.

حظر وملاحقات:

العقوبات المفروضة من المجلس الأوروبي على القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لن تكون الأولى ولا الأخيرة بحق هذه القوات، وأسماء شخصيات ورجال أعمال وسياسيين مدنيين تابعين لها. وهذه العقوبات بدأت تتدرج منذ منتصف مايو الماضي، وستكون هنالك سلسلة من العقوبات حتى تتوقف هذه الحرب لتشمل كل الشركات المتعاونة في مجال التعدين والاتصالات، كما يقول المحلل السياسي “عروة الصادق” في حديثه لـ”راينو”، و”يمكن أن تفتح تحقيقات جنائية”، خاصة وأن المجلس الأوروبي متعاون مع المحكمة الجنائية. “لذا يجب أن يعي الجنرالات انهم سينزلقون في فخ العقوبات والملاحقة الجنائية والحظر على ممتلكاتهم، ليشمل الحظر المالي وحظر الطيران.

 ويرى “الصادق” إنه كلما اتسع نطاق الحظر والعقوبات سيتأثر به الشعب السوداني ويضيّق عليه كما  فعلت الإنقاذ التي تحايلت على الحظر بتحويل شركاتها إلى واجهات أخرى، وقال:(هذا ما يفسر ظهور اسماء أعمال وشركات جديدة، وكلها واجهات للمؤسستين لتسهيل حركة الأموال، مما يعني أن العقوبات لن تكون ذات تأثير شديد، لأن التحايل على حركة السلاح وتسريبه أصبح سهلا جداً حول العالم، وتطورت الملاذات المالية الآمنة والمكانية أيضاً مع اتساع رقعة الدكتاتورية في إفريقيا، التي أصبحت الآن لا تمانع في استضافة اي شخص مُلاحق دولياً. ما يعني أن سلاح العقوبات لن يخفف من حدة العمليات العسكرية وحِدة الحرب، ورأينا كيف زادت حدة الحرب بعد صدور قوائم تابعة للمؤسستين، لكنها ستحد من حركة بعض الجنرالات حال تمت ملاحقتهم، ويمكن أن ينسحب الأمر على أسرهم، إذا كانت هنالك اسماء مترابطة مع بعضها).

سلاح العقوبات:

الخبير الاقتصادي المهندس “عادل خلف الله” أشار في حديثه لـ”راينو” إلى أن الأحداث أثبتت عدم نجاعة سلاح العقوبات، إذ تمكنت الدول والأنظمة المُعاقبة من التكيف مع العقوبات، وتنفذ من خلال الثغرات، والسوق الموازي، وكارتيلات صناعة السلاح وعصاباتها، على الرغم من التكلفة المالية العالية في التبادل التجاري، والتي ترهق ميزانياتها.

ويشير “خلف الله” إلى أن العقوبات الأخيرة التي فرضتها أمريكا على أفراد وشركات لطرفي الحرب في السودان ثم بريطانيا وأخيراً المجلس الاوروبي الذي فرض عقوبات على ست شركات تابعة للجيش وقوات الدعم السريع ليست ذات جدوى، ومحدودة الأثر لجملة أسباب منها أن العقوبات اتخذت شكل تجميد حسابات وقيود على التأشيرات، ومعلوم أن هذه الشركات لديها أكثر من حساب وأكثر من فريق عمل. أما عقوبات بريطانيا هي فقد فرضتها وحدها، وبالتالي هي تخص بريطانيا وشركاتها المتعاملة مع الست شركات المعاقبة، بينما هناك عشرات الدول غير مُلزمة بتنفيذ هذه العقوبات، وأخيراً فإن عقوبات “الاتحاد الأوروبي” صادرة عن “المجلس الاوروبي European council وهي ليست مُلزمة قانونياً لأعضاء الاتحاد الاوروبي.

وزاد:(الدول الغربية تفرض العقوبات لتحقيق هدف سياسي لم تنجح في تحقيقه دبلوماسياً، وتعتبر خطاب داخلي للمجتمعات الغربية، ونوع من الدعاية السياسية، حسب المنافسة واحتدام الصراعات، وذر للرماد في العيون، من قبيل اننا “قمنا بواجبنا كحكومات أو مؤسسات تشريعية”، وعلى الرغم من أن بعض العقوبات فرضت لاعتبارات انسانية متعلقة بتجاوزات في مجال حقوق الانسان وحماية المدنيين، لكنها في المنتهى لم تخرج عن دائرة النفاق السياسي وازدواجية المعايير لمعظم الدول الغربية، خاصة بعد انكشاف هذه الدعاوي في حصار العراق، كأطول وأسوأ نوع من العقوبات، والعدوان على شعب فلسطين لاسيما الإبادة الجماعية والتدمير في غزة).

الإرادة الشعبية:

ووفقاً لخلف الله فإن مجريات الحرب المدمرة في السودان لنحو عشرة أشهر، والخطوات العملية لوقفها دولياً وإقليمياً، تشير إلى إن العامل الحاسم في وقفها ودون شروط ، هو تبلور إرادة شعبية فعالة تنطلق من التوافق الوطني الواسع الرافض لها، عبر أوسع جبهة شعبية، “بعد أن تأكد أكثر من أي وقت مضى، عدم اكتراث طرفيها بتداعياتها الانسانية والاجتماعية والاقتصادية”.

ويشهد السودان عمليات حربية طاحنة منذ إبريل 2023‪ بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، راح ضحيتها أكثر من 12 ألف من المدنيين ونزوح ولجوء أكثر من 6 ملايين شخص، بجانب تدمير البنى التحتية للدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار