السودان

مشاهد من عودة الحياة لطبيعتها بمدينة نيالا جنوب دارفور

نيالا: راينو – يرتبط سكان نيالا ارتباطاً وثيق الصلة بمدينتهم، فبعضهم ولد وترعرع في نيالا لم يغادرها سوى لرحلات تجارية، أو بغرض التعليم في جامعات الولايات الأخرى.  ولكن بعد اندلاع الحرب أجبرتهم نيران المدافع والقصف الجوي إلى النزوح صوب رئاسات المحليات بجنوب دارفور، أو إلى مدينتي الفاشر والضعين .

وجرت معارك عنيفة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في المدينة خلال السبعة أشهر الماضية، قتل خلالها بالقصف الجوي ودانات المدافع نحو (250) مواطناً، حسب تقديرات غير رسمية. وفي السادس والعشرين من أكتوبر أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على قيادة الفرقة 16مشاة، ليعود الهدوء إلى المدينة.

 مطالب سكان نيالا بعد سقوط حامية الجيش:

في أول صلاة جمعة في مسجد نيالا الكبير بعد توقف دام لأشهر، ضاق المسجد بالمصلين من كل أحياء المدينة.  وعقب الفراغ من الصلاة، قام متحدث باسم المصلين قائلاً:(نطالب قوات الدعم السريع بتوفير الأمن في المدينة، وإيقاف الظواهر السالبة)، في إشارة إلى السرقات والنهب وحمل السلاح بزي مدني، وتقليل ارتكازات جنود الدعم السريع في الطرقات العامة، لأن المظاهر العسكرية تخيف المواطن المدني. كما طالب قوات الدعم السريع، بالعمل على عودة شبكات الاتصال والكهرباء إلى المدينة، ليرد على المطالب قائد قوات الدعم السريع بمدينة نيالا العقيد (صالح الفوتي)، بأن الأمن مسؤولية الجميع. وبرر انتشار القوات في الطرقات بمحاربة التفلتات الأمنية، وزاد:(هو طلب نفذناه نزولاً لرغبة بعضكم، عندما طالبوا بفرض هيبة الدولة)، ووعدهم بعودة وشيكة لشبكات الاتصال والكهرباء، عقب الفترة الزمنية اللازمة لترميم الاسلاك التي تضررت.

وفور ختام المخاطبات في الجامع تعانق المصليين، في سلام مصحوب بدموع، وتبادل بعضهم كلمات العزاء في الموتى والقتلى، لأن شهور الحرب حرمتهم من الحركة بحرية، فضلاً عن وجود القناصين في الطرقات في انتظار أي عابر طريق.

العودة إلى نيالا:

بعد ساعات من توقف أصوات المدافع عقب استيلاء قوات الدعم السريع على المدينة بالكامل، بدأ عدد قليل من السكان الذين غادروا منازلهم إلى أحياء أكثر أمناً، بالعودة إلى منازلهم للاطمئنان عليها.

وقال الناشط في مجال العمل الطوعي بنيالا المهندس (طارق مكي) لـ(راينو)، أن معظم سكان نيالا بدأوا في العودة إلى المدينة.

فقد وصلت الجمعة الماضية  سبع حافلات ركاب، وعدد من العربات الخاصة، تقل نازحين هربوا إلى مدينة (رهيد البردي)،  كما وصل عدد كبير من النازحين من مدينتي الفاشر والضعين، بل يوجد لاجئين  في مدينة (جوبا) عاصمة دولة جنوب السودان، قرروا العودة  إلى نيالا .

عودة الخدمة للمستشفيات:

قام شباب من مدينة نيالا قبل يومين بحملة نظافة مستشفى نيالا التعليمي، والمستشفى التخصصي، استعداداً لفتح أبوبهما لاستقبال المرضى. وقال الطبيب (ماهر يوسف)، إن المستشفى التعليمي بدأ في استقبال المرضى في أقسام النساء والولادة والأطفال، منذ الثاني عشر من نوفمبر، وأشار إلى معاناة كبيرة، واجهت النسوة الحوامل اللائي يلدن بعمليات قيصرية طيلة أيام الحرب، نقل بعضهن إلى مدينة (كاس)، لإجراء العمليات. أما المستشفى التخصصي، فستعود اليه الخدمة في قسم غسيل الكلى في وقت لاحق. وذكر أن عودة الخدمة لبقية أقسام المستشفيات، مربوطة بعودة الأطباء من مدينة الضعين.

وطوال أيام للحرب ظل المرضى بنيالا، يتلقون علاجهم في مركز (شيخ موسى) بحي (دريج)، ومركز (حي الجبل)، واللذان افتتحا بدعم مباشر من قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى فتح وحداتها الطبية لاستقبال المرضى بالمجان.

الأمن في نيالا:

اشتكى عدد من سكان مدينة نيالا الذين لم يغادروها، من أنشطة لصوص ونهابين في الطرقات والمنازل في الأيام الأولى لسقوط الفرقة 16مشاة، وتركز نشاط اللصوص في أحياء النهضة، والجير، المجاورة لقيادة الجيش. وقال التاجر (عبد القادر بخيت) لـ(راينو)، أن عربات و(ركشات)، تعرضت إلى سرقات ونهب، مما اضطرنا لإبلاغ قيادة الدعم السريع، قبل أن تشكل قوة بقيادة رائد لمحاربة هذه الظواهر، وبفضل انتشار هذه القوة، توقفت عمليات النهب والسرقة، وتم ضبط بعض المسروقات وإيداعها في مبنى اتحاد الشباب بحي المطار. وكانت القوة تمنع نقل أي ممتلكات من حي إلى آخر، إلا بإذن مسبق ومكتوب، لذلك نيالا اليوم مدينة آمنة ومستقرة. وطالب (بخيت) بعودة الشرطة إلى مخافرها، لتستقبل البلاغات.

من جانبه قال الضابط بقوات الدعم السريع فتحي بناني، أنهم جهزوا سجن (دقريس) الواقع غرب المدينة، لاستقبال المجرمين. وكشف عن إن عودة الشرطة لعملها في انتظار استلام اللواء بشير عيسى لمهامه، مديراً لشرطة الولاية.

أسواق نيالا:

في ظل الحرب توقف النشاط بالكامل في سوق نيالا الكبير، وفي سوق الملجة والسوق الشعبي، حيث نقل التجار نشاطهم إلى سوقي المواشي شمال المدينة، وسوق الأندلس جنوب المدينة.

وبعد نهاية الحرب عاد النشاط التجاري لسوق الملجة بشكل كامل، بما فيه من تجار وجزارين وباعة متجولين كما عاد النشاط التجاري في السوق الشعبي بصورة ملحوظة

شبكة المواصلات بالكامل إلى سوق نيالا الكبير، وافتتحت المتاجر حول المسجد الكبير بكافتريات ومقاهي وباعة متجولين وثابتين، وعلى الرغم من إن الصيدليات لم تفتح بعد، لكن هناك  حركة نظافة كبيرة فيها .

النشاط الرياضي:

قال (مهند سعيد)، وهو لاعب كرة القدم بنيالا، أن النشاط الرياضي بدأ بعد الحرب في ميدان الكوكب بحي الوادي، من خلال تجمع اللاعبين من الأحياء الأخرى، وكان حضور المشاهدين كبيراً، لوجود نجوم في كرة القدم من الدرجة الأولى، والدوري الممتاز من اندية الوادي ، المريخ، والهلال. ومن ثم انتقل النشاط إلى   ميدان حي المطار، وحي دريج، وعاد شباب كل حي الى اللعب في ميدانهم السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار