السودان

مستشارقائد الدعم السريع أحمد عابدين : المشروع الوطني اصطدم بالنُخبة الفاسدة والاقليات العنصرية

قال المستشار الإعلامي لقائد قوات الدعم السريع أحمد عابدين أن قواتهم سيطرت بالكامل على معسكر سلاح الُمدرعات بالشجرة بعد معارك ضارية استمرت لثلاثة أيام وأكد في حوار له مع (راينو) أنه تم إخراج قوات الجيش وكتائب الإسلاميين من داخل المعسكر وقال:(نحن الآن قاب قوسين أو أدنى كم من كسر شوكة التنظيم الإرهابي بعد أن قصمنا ظهر سلاح المدرعات)، وتابع:(تقاتل قوات الدعم السريع في معركة حقيقية لتخليص الوطن من فشل تاريخي، وهي نواة لجيش وطني قومي مهني واحد يرى فيه كل السودانيين وجوههم، يحافظ على أمن البلد وحدوده، جيش خالي من الأيدلوجيا والأحزاب يُحافظ على مكتسبات الوطن). وقال عابدين أن قادة الجيش لا يتمتعون باستقلالية في قراراتهم وحتى أنهم مختلفون حول إيقاف او استمرار الحرب. وأكد لـ(راينو) أنه وفي ظل سيطرة حزب المؤتمر الوطني على مفاصل الجيش ودعواتهم الصريحة لاستمرار الحرب فإن عملية السلام ستتعثر كلياً مالم تتحول تهديدات المجتمع الدولي لقرارات مُلزمة، والضغط على الجيش للخروج من عباءة الكيزان ومجموعات النخب العنصرية.

* برأيك إلى أي مدي تشكل هذه الحرب نقطة تحول جوهرية في تاريخ بناء الدولة السودانية، ومعالجة كافة القضايا؟

اعتقد أنها ستكون الحرب الأخيرة، فهي قد مست عصب ظل بمنأى عن ويلات الحرب. ثم أنها كشفت بشكل فاضح أن الجيش السوداني هو ليس ذلك الذي كان في مخيلة السودانيين، فظهر جيشاً مُحطماً بقيادة فاسدة وفاشلة، وأنه بلا تأهيل او تدريب. وأوضحت هذه الحرب ان الجيش السوداني غارق في الفساد ووضح فعلياً انه جيش حزبي مؤدلج. ثم أن هذه الحرب وحدت قوي الهامش في السودان وريف المركز، وعززت ثقتهم في إمكانية أن يكونوا فاعلين أكثر في مشروع بناء دولة جديدة، بعد أن لاحت لهم الفرصة التي يمكن استغلالها ليكونوا جزءً من القرار.

ثمة تحولات كبرى حدثت في الحرب، أبرزها تحول النقاش من أجندة إصلاح الجيش ودمج الدعم السريع إلى الحديث عن تأسيس وبناء جيش جديد ماهي دوافع ذلك وإمكانية تحقيقه؟

 الحديث عن دمج الجيوش في الجيش الرئيسي كانت من شروط ضمان استقرار النظام الديمقراطي، وتحول الدولة لسُلطة يديرها المدنيين، ولكن الحرب كشفت أن الجيش بشكله وهيكلته الحالية لا يصلُح لبناء منظومة وطنية قومية يثق فيها السودانيين، وبالتالي ظهر الحديث عن ضرورة بناء جيش جديد كإحدى نتائج ما أسفرت عنه الحرب بعد اندلاعها.

الجيش غارق في الفساد

فتحت الحرب أبواب واسعة للنقاش بين السودانيين والنخب الفكرية على وجه الخصوص، فإلى أي مدي يسهم ذلك في بلورة وبناء مشروع وطني بأجندة جديدة لصالح كل السودانيين؟

بناء المشروع الوطني حلم ظل يراود كل السودانيين، بيد أنه اصطدم بالنُخبة الفاسدة والاقليات العنصرية، والتي ظلت تناهض وتقاوم بكل الإمكانيات فكرة الانفتاح ودولة العدالة والمساواة في سبيل الحفاظ على امتيازاتها، فالمشاريع القديمة للدولة كانت تقوم على سُلطة شبه أُسرية. وطوائف مُحددة ومجموعات ذات مصالح سياسية واقتصادية وصفوية هي من تسيطر على كل شيء، وأي تحرك لإشراك باقي السودانيين يعتبرونه تهديداً لامتيازاتهم ومكاسبهم. لكن الحرب الحالية سمحت للمؤمنين والفاعلين لأجل الدولة الجامعة أن يخطوا بثبات نحو نقاش حر بلا ضغوطات، خاصة وأن المركز الرئيسي للشرور بدأ في الانهيار والاستسلام.

 منذ بداية الحرب في منتصف أبريل الماضي وبعد مضي أكثر من مئة يوم، كيف تقييم الميزان العسكري؟ لمن التفوق ميدانيا؟ وما هو التكتيك العسكري الذي اتبعه الدعم في الحرب؟

من الواضح أن الدعم السريع يُسيطر على الأرض ويتحكم فيها، إلا ثلاث قواعد حشدت فيها قيادة الجيش ظهيرها من أنصار حزب (المؤتمر الوطني) المحلول، وغُلاة المتشددين من الجماعات الإسلامية ذات التوجه الراديكالي بالإضافة لجماعات قبلية تُمثل عصب حياة للدولة القديمة. هذا الوضع مكن قوات الدعم السريع من التحرك بأريحية لحصد مزيد من الأراضي، وتعاطف جزء كبير من مجتمعات الخرطوم. كما أن ظهور بعض قادة الجماعات الإسلامية الارهابية تقاتل إلى جانب الجيش في العلن، شجع المتشككين في روايات الحرب للميل لتصديق منطق الدعم السريع. أما على مستوى ولايات السودان، فالجيش الآن يستخدم العاطفة لتجييش سُكان ولايات الشمال التي يسيطر عليها كُلياً. ولكنه وجد فتوراً في الاستجابة لدعوات الاستنفار، وأصبح الأمر أوضح بعد هزائم الثامن من أغسطس 2023 في أمدرمان، وسعى الجيش نحو استنفار أقاليم الشرق والنيل الأزرق والجزيرة، ولكنه فشل حتى الان في مسعاه، وبدأ سُكان تلك المناطق في الخروج على دعوات الاستنفار وسط مُطالبات بطرد عناصر المؤتمر الوطني في ولايتي كسلا والقضارف المطالبة المتواجدين هناك. أما على مستوى ولايات الغرب فيكاد يكون الأمر كله بيد قوات الدعم السريع، كونه يتبع تكتيكاً في المعارك أربك الجيش، وحطم كل خططه، فالمركبات القتالية للدعم السريع تتغلب دائماً على الموانع على الأرض، وكذا فإن استخدام كثافة النيران بكافة انواع الأسلحة تجعل العدو يتراجع أو يستسلم. أضافة لذلك فإن خبرة مقاتلي الدعم السريع وشجاعتهم وعقيدتهم القتالية وإيمانهم بها، جعلهم قوة مهابة تصيب العدو بالرهبة، وكذلك تمرسهم على القتال لفترات طويلة وإجادتهم استخدام كافة الأسلحة، بالإضافة للخطاب الإعلامي والتعامل الجيد مع الأسرى واستخدام اللغة العنصرية لقادة الجيش كخطاب يدلل على سوء الجيش وقيادته، فكل هذه العوامل جعلت الدعم السريع مُتمكناً على أرض المعركة بلا منازع.

أنصار (المؤتمر الوطني) المحلول، والمتشددين الإسلاميين موزعين في ٣ معسكرات

(*) اتفق الكثير من المراقبين على أن الدعم السريع حقق انتصارات باهرة عسكريا وميدانيا لكن تهم الانتهاكات المدنية حدت من التعاطف معه وقللت من الالتفاف حوله؟

الحروب في العادة لا يسلم منها الإنسان العادي، وفي الخرطوم تحارب قوات الدعم السريع في ثلاث جبهات، منها الحد من الظواهر السالبة، وحماية المدنيين وممتلكاتهم وحقوقهم، بالإضافة لجبهة الجيش. ومع توفر الإمكانيات والخبرة والتمويل، فإن نظام البشير السابق وحاضنته قد استباحوا الخرطوم بمنظمات إجرامية تضم الآلاف من ذوي السوابق الجنائية والذين تم إطلاق سراحهم من السجون في رابع أيام الحرب، تحت قيادة كبار ضباط الأجهزة الأمنية الذين يدينون بالولاء لحزب (المؤتمر الوطني)، وبعض قادة الحركة الإسلامية الموالين له، ونجحوا في توفير ازياء قوات الدعم السريع لهم كعمل يقصد فعلياً الأضرار بصورة الدعم السريع وتشويه سمعته.

الجيش يستخدم العاطفة لتجييش سُكان ولايات الشمال

وبدورها فإن قوات الدعم السريع واجهزتها قد ألقت القبض على المئات منهم، بالإضافة لدخول أعداد مهولة من ضعاف النفوس الذين اعتدوا على الأسواق والشركات والبنوك، وأحدثوا خراباً فيها. وفي مرات كثيرة طور قادة الجماعات المجرمة إمكانياتهم القتالية لدرجة الدخول في موجهات مع قوات الدعم السريع، وحاول أنصار النظام السابق الصاق تُهم أخلاقية بالدعم السريع كدعاية كارتكاب جرائم اغتصاب واعتداء جنسي، وكلها تندرج تحت عمل مُمنهج لإحراج قوات الدعم السريع، وتشويه القضية التي تقاتل من أجلها. ومع استعداد الدعم السريع على المستوى الرسمي للمحابة على أي سلوك يرتكبه اي فرد من قواتها، فإننا على استعداد للتعاون مع أي جهة تضررت ولديها ادلة فعلية فنحن نسعي لإرساء قيم العدالة المفقودة أصلاً في السودان القديم.

(*) يري بعض المراقبين أن أي من الطرفين الجيش ولا قوات الدعم السريع لم يتمكن انتصار ساحق، إذ تصطدم هيمنة قوات الدعم السريع على الأرض في العاصمة الخرطوم بنيران سلاح الجو… والسبيل هو الاتجاه للتفاوض؟

الدعم السريع لا يرفض التفاوض، وسعى للسلام منذ اليوم الأول للحرب، ولكن قادة الجيش ليس لديهم إرادة ولا يتمتعون باستقلالية في قراراتهم، وحتى أنهم مختلفون حول إيقاف أو استمرار الحرب وفي ظل سيطرة حزب (المؤتمر الوطني) على مفاصل الجيش، ودعواتهم الصريحة لاستمرار الحرب، فإن عملية السلام ستتعثر كلياً. مالم تتحول تهديدات المجتمع الدولي لقرارات مُلزمة، ويتم الضغط على الجيش للخروج من عباءة (الكيزان)، ومجموعة النُخب العنصرية.

(*) ما هو الجديد في التفاوض؟ وماهي العقبات التي تحول دون تقدم حقيقي في أجندة التفاوض؟ وأبرز الاجندة التي تسعون لتحقيقها؟

 عقبات التفاوض تتمثل في تغليب أنصار (البشير) رغبة استمرار الحرب وضرب النسيج الاجتماعي، لتحويل الحرب لأهلية، وهو كرت ظلوا يراهنون عليه مع بعض قادة الجيش من الطامعين في الحُكم واعادة عقارب الساعة للوراء. نحن نريد فقط بناء دولة جديدة يحكمها المدنيين وأن تخرج الأجهزة النظامية من العمل السياسي مع التأسيس لجيش قومي وطني لا علاقة له بالسلطة أو الايدلوجيا، أو أي تأثير سياسي أو حزبي، ونريد التأسيس لنظام ديمقراطي مرجعيته الشعب. كما نريد أن تندمج بلادنا في المجتمع الدولي والإقليمي، وأن نتكامل مع جيرانا وفق المصالح، وان نكون فاعلين في بناء السلام والأمن لنا ولجيراننا، وأن نحمي وحدة بلادنا ومواردنا.

نرفض التحشيد بالمعنى القبلي، لأنه يتناقض مع رؤيتنا

(*) كيف تنظرون إلي تصريحات قادة الجيش وعدائهم للمجتمع الدولي من فولكر إلى روتو والايقاد وغيرها؟

قادة الجيش ولدوا من رحم تنظيم قائم على العداء والإرهاب، ويسعى لنشر الفوضى في محيطه الإقليمي والدولي. فحزب (المؤتمر الوطني) المحلول يتجاوز حدود الدولة لفكرة قديمة هي (الخلافة الإسلامية)، واليوم يعيد قادة التنظيم في الجيش نفس اللغة القديمة والشعارات المُعادية، والتي أقعدت السودان، وحولته لدولة منبوذة. فهم ليسو ضد (فولكر) لأنه تدخل في السيادة الوطنية، وإنما يريدون أن يتمزق السودان لدويلات. هُم تخلوا عن الجنوب لمجرد صفقات تضمن لهم حُكم باقي السودان، واليوم تأكدوا أنه في حالة انتصار الدعم السريع والقوي المدنية الفاعلة التي تسعي لإقامة نظام ديمقراطي، فإن ذلك يعني نهاية أحلامهم. لذا يسعون لإدخال السودان في أزمة ليجبروا العالم على الجلوس معهم، وبالتالي يضمنون تواجدهم كقوة رئيسية في أي تسوية قادمة.

(*) هناك اتهام لكم بالتحشيد اسوة بقادة الجيش في الحرب الدائرة حاليا مدى صحة ذلك..؟

 نحن نرفض التحشيد بالمعنى القبلي، لأنه يتناقض مع رؤيتنا في سعينا لبناء الدولة الجديدة. أما التحشيد الأيدلوجي، فليس لنا أي انتماء، ولا نرتبط باي شكل من الأشكال باي تنظيم سياسي، نحن فقط نريد إعادة الأمور لنصابها ونريد بناء دولة محترمة مع شرفاء بلادنا، الجيش يستمر في نشر الفوضى ويعمل على حشد القبائل وسلح منسوبي حاضنته السياسية من الإرهابيين والجهاديين للتمهيد لحرب أهلية واسعة ولكن وعي جماهير شعبنا يحول دون ذلك.

(*) ماهي إنجازات لجنة حسم التفلتات ومحاربة الظواهر السالبة؟

 اللجنة تقوم بعمل جبار فلقد إعادة مئات العربات المنهوبة لأصحابها وتسعى في المذيد ونجحت في تحجيم نشاط الجماعات الاجرامية وتأمين الأحياء السكنية وممتلكات المواطنين وتسعى الان مع بعض أصحاب الشركات الذين فتحوا بلاغات كشركة الكوكاكولا لإعادة المنهوبات وقد نجحت في القبض على البعض من الذين استهدفوا هذه الشركات وقد وقف أصحاب هذه الشركات على أرض الواقع وكذلك عملت اللجنة على دفن فتنة طريقة الصادرات امدرمان بارا وتعمل على قطع الطريق أمام خطط استخبارات الجيش بجر تلك المنطقة وأهلها لصراعات قبلية وضرب استقرار تلك المجتمعات لتوسيع دائرة الحرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار