السودان

السودان .. خسائر “500” يوم من الحرب

تقرير: راينو

يعاني الاقتصاد السوداني منذ فترة بعيدة من تشوهات كبيرة، مرتبطة بوجود المؤسسة العسكرية على سدة الحكم، وهذا الخلل أعلن عنه رئيس الوزراء السابق “عبد الله حمدوك”، حينما كشف عن وجود 80% من الاقتصاد السوداني في قبضة المؤسسة العسكرية، والتي انقلبت على الحكومة الانتقالية خلال محاولتها إصلاح هذه التشوهات.

وأطلقت الحرب الطاحنة، رصاصة الرحمة على الاقتصاد السوداني، وجعلت السودان نفسه يصارع البقاء، وشهد الشعب السوداني خلال حرب الـ”500″ يوم الماضية، أقسى أنواع التعذيب والقتل والتشريد. فماذا جنى السودان وماذا خسر؟

العام الأول من الحرب:

قبل خمسة أشهر، وبعد عام من الحرب كانت إحصائيات وزارة التجارة بالسودان تشير إلى أن خسائر الحرب تجاوزت “200” مليار دولار، كانت “20” مليار منها خلال أول شهرين للحرب، فضلاً عن توقف ما لا يقل عن ألف منشأة اقتصادية عن العمل منذ اندلاع الحرب، جميعها تعمل في مجالات الصناعة والتجارة والغذاء والدواء بسبب تدميرها كلياً أو جزئياً، حسب البلاغات التي قال إنها تصل الوزارة من أصحابها أو من خلال متابعات الوزارة والجهات ذات الصلة.

وبحسب “الجزيرة نت” يقول مسؤول في وزارة المالية السودانية إن نسبة إيرادات الدولة انخفضت بنسبة 85% مع مضي سنة كاملة من القتال، ويتوقع ارتفاع مؤشر الفقر في البلاد إلى أكثر من 90% بعد فقدان الموظفين والعمال وظائفهم، ومن ثم عدم حصولهم على رواتبهم. ويلفت إلى أن الدولة تدفع نحو 60% من الرواتب لعدد من القطاعات، وأن بعضها توقف الدفع له منذ أشهر، بينها قطاعا التعليم والصحة.

خسائر الـ”500″ يوم:

لم تترك الحرب الدائرة في السودان منذ 15 إبريل من صورة السودان القديم سوى حطام المباني وأكوام الخراب، ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية عن حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب، إلا أن الأرقام التقريبية توضح حجم الكارثة التي أحلت بالاقتصاد بسبب الحرب، وقال الخبير الاقتصادي وزير المالية بالحكومة الانتقالية بروفسير “إبراهيم البدوي”، إن الدمار الهائل في البنى التحتية الخدمية والإنتاجية يقدر بحوالي 20% من البنية التحتية الإنتاجية والرصيد الرأسمالي للاقتصاد السوداني قد تم تدميره، يمثل اقتصاد الخرطوم وحدها حوالي 25% من إجمالي الناتج المحلي “وربما جملة إنتاجها مع المدن الأخرى  المتأثرة يزيد عن نصف الاقتصاد السوداني”. وكشف البدوي في ورقة قدمها بمناسبة مرور “500” يوم على الحرب، كشف عن الدعم العاجل المطلوب لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب وتمويل برامج الإصلاح الأمني عبر الاستفادة من المنح والمعونات المجمدة عقب انقلاب 25 أكتوبر 2021، البالغ قدرها “10” مليار دولار، يمكن الاستفادة منها في إعادة بناء الخدمة المدنية، التحول الرقمي، توظيف الشباب، إنشاء صندوق للضمان الاجتماعي، فضلاً عن تخصيص “700” مليون دولار لإنعاش وزيادة دعم التحويلات النقدية، المتبقي من برنامج دعم الأسر والانتقال بالسياسة المالية والإصلاحات الهيكلية من التقشف إلى النمو.

تدمير مشروع الجزيرة:

يعتبر مشروع الجزيرة من المشاريع القومية التي تمد المخزون الإستراتيجي بالغذاء وهو بدوره تعرض للدمار الذي بدأ منذ سنوات حكم الإنقاذ، وتواصل الدمار بعد الحرب.

وكشف محافظ مشروع الجزيرة في تصريحات صحفية محدودة حصلت عليها “راينو”، عن حجم الدمار الذي تعرضت له البنيات التحتية، والتي طالت منظومة شبكة الري والوحدات والمرافق الهندسية بالمشروع، إلى جانب سرقه كميات كبيرة من المخزونات تشمل قطع غيار الاسطول العامل بالمشروع من عربات وآليات، وسرقة كميات من التقاوي، ومدخلات الإنتاج من أسمدة ومبيدات.

وبحسب محافظ المشروع، فإن حجم الدعم المطلوب لإعمار ما تم تدميره من بنى تحتية يقدر بحوالي 12 مليون دولار، إلى جانب 15 مليون دولار لتأهيل منظومة شبكة الري، و10 مليون دولار لإنشاء وحدة طوارئ إسعافية خاصة بالمشروع، للتدخل العاجل لمعالجة قضايا الري.

ويقدّر حجم مساحة مشروع الجزيرة بنحو “2.2” مليون فدان، بما يؤمن الغذاء لأكثر من خمسة مليون نسمة بصورة مباشرة، وثلاثة مليون نسمة بطريقة غير مباشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار