السودان

المجاعة في السودان.. هل يتدخل مجلس الأمن؟

تقرير: راينو

مع تزايد القلق من التقارير المفزعة حول الجوع في كل من دارفور والخرطوم والجزيرة، طالبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالدفع نحو اتخاذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إجراءات جماعية بموجب قرار مجلس الأمن رقم “2417”، لمحاصرة تسونامي الجوع الذي تؤججه الصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية في السودان، بجانب تكثيف الجهود الرامية إلى إنهاء الأعمال العدائية بالسودان ومعالجة العوائق التي تحول دون توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية.

وفي الوقت نفسه وجه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في أحدث نشراته، صوت لوم للمجتمع الدولي الذي كان بطيئاً بشكل لا يطاق، في منع المأساة التي كان الجميع يعلمها منذ أشهر. وقال “إن اللامبالاة العامة تجاه معاناة شعب السودان والافتقار إلى الاستعجال في الاستجابة الإنسانية لم يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع”.

قصة القرار “2417”: 

 في العام “2017”، كان حوالي 20 مليون شخصاً على حافة المجاعة في أربعة بلدان، هي “نيجيريا، الصومال، جنوب السودان، واليمن”، وقد تأثرت هذه البلدان الأربعة جميعاً بالنزاعات المسلحة، وفي ذات التوقيت دفع برنامج الغذاء العالمي بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي، يدين استخدام التجويع كسلاح. وقد تم تعريف التجويع الشديد على أنه “أرخص سلاح للدمار الشامل متاح للجيوش”، استغرق القرار خمسة أشهر لتمريره، بسبب توترات كبيرة في مجلس الأمن بين عدد من الدول المؤثرة، كانت السويد تعتقد أنه يجب على مجلس الأمن تناول القضايا الأمنية الأوسع نطاقًا كمدخل لوقف النزاعات – مثل قضايا المناخ، والنوع الاجتماعي، والجوع، والمياه – وبلدان أخرى تعتقد أنه يجب على المجلس أن يتعامل فقط مع الجوانب العسكرية الأكثر تقليدية للنزاع ، حتى تم تمرير قرار مجلس الأمن الدولي “2417” في مايو 2018 الذي يدين بشدة استخدام تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب  القتال ، كما يدين بشدة المنع غير القانوني من إيصال المساعدات الإنسانية وحرمان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.

انتهاكات صارخة

يواجه أكثر من 25 مليون شخص في جميع أنحاء السودان الآن انعدام الأمن الغذائي الحاد الشديد، مع أكثر من 8.5 مليون شخص في المرحلة الرابعة “الطوارئ”، و755000 في المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي. وحذر المجتمع الإنساني منذ أشهر من أن الناس، وخاصة الأطفال، يموتون بأسباب تتعلق بالجوع في جميع أنحاء السودان، في جميع أنحاء دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة. وأفادت المنظمات غير الحكومية أن 1 من كل 4 أطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، وفي وسط دارفور، يعاني أكثر من 90% من الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد في بعض المناطق.

وحمّل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة طرفي النزاع المسؤولية إلى حد كبير عن هذه الأزمة التاريخية، فعلى مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية من الصراع المستمر، أدت الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني الدولي مثل تحطيم البنية الأساسية، وتدمير وسائل العيش، وعرقلة تسليم المساعدات الإنسانية إلى مجاعة واسعة النطاق. وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في مختلف مناطق الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور، لا تتلقى المجتمعات سوى القليل من المساعدات بسبب رفض أطراف النزاع السماح بدخول المساعدات بالحجم والسرعة المطلوبين ومع ضمانات السلامة اللازمة. وتعني عمليات الموافقة المعقدة أن وصول المواد الغذائية والسلع الغذائية المنقذة للحياة إلى من هم في أمس الحاجة إليها قد يستغرق شهوراً، حيث تم منع الإمدادات الطبية بنشاط من دخول الفاشر من قبل الأطراف المتحاربة.

أطراف النزاع:

وعلى خلفية ذلك وجه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية رسائل لكل الجهات المؤثرة في المشهد السوداني، وطالبت أطراف النزاع الالتزام الصارم بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية ويشمل ذلك وقف جميع الهجمات ضد الأهداف المدنية الضرورية لإنتاج الغذاء وسبل عيش الناس – بما في ذلك نهب الأصول الزراعية والأسواق – للحفاظ على وسائل البقاء للسكان المتضررين، و إعادة التأكيد على عدم الممانعة من استخدام معبر أدري، وإنشاء وصيانة الممرات الإنسانية إلى الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور، لضمان إيصال المساعدات بشكل مستمر ودون عوائق وبشكل آمن إدخال تدابير طارئة لتسهيل الإجراءات البيروقراطية والإدارية خلال فترة الاستجابة للمجاعة .

المجتمع الإنساني في كل دولة:

كما نادت الأمم المتحدة بضرورة إعطاء الأولوية لصرف التمويل لبرامج النقد حيث تعمل هذه الوسيلة بسرعة على معالجة احتياجات الغذاء، وغيرها من الاحتياجات الأساسية في المناطق الأكثر تضرراً، والمناطق التي يصعب الوصول إليها، وتعزيز جهود التنسيق التي تبذلها الأمم المتحدة لتوسيع نطاق الاستجابة النقدية وزيادة التمويل للجهات الفاعلة المحلية، بما في ذلك غرف الاستجابة للطوارئ والمنظمات التي تقودها النساء والمستجيبات الأوائل من خلال القنوات التي تسمح بالصرف السريع، وتضمن إدماجهن وقيادتهن بشكل هادف في الاستجابة.

الدبلوماسيين والمانحين:

ودعت نداءات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للمجتمع الدولي لتكثيف الجهود الرامية إلى إنهاء الأعمال العدائية، ومعالجة العوائق التي تحول دون توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية، والدفع نحو اتخاذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إجراءات جماعية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2417. وزيادة فرص حصول مبادرات المساعدة المتبادلة وغيرها من المستجيبين المحليين على التمويل المرن والمتوقع من خلال إزالة عمليات الامتثال المرهقة وضمان الشفافية في مبالغ التمويل المقدمة لدعم الجهات الفاعلة المحلية، بجانب ضمان توزيع التعهدات التي تم تقديمها في باريس بشكل عاجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار