السودان

السيول والفيضانات .. معاناة تطارد الناجين من الحرب في مناطق النزوح

تقرير: راينو

تتزامن أزمة الفيضانات والسيول لهذا العام مع معاناة المواطنين بسبب تداعيات الحرب، وتشهد ولايات شمال وشرق السودان ضغط كبير عقب نزوح الملايين من الولايات التي تشهد عمليات حربية طاحنة، وكان آخرها ولاية سنار التي كانت أيضاً تأوي أعداد كبيرة من مهجري ولايتي الجزيرة والخرطوم. فاقمت السيول والأمطار من حجم الكارثة الموجودة بسبب الحرب، فتدمرت البيوت والخيام وانعدم الغذاء والدواء وانتشرت الأمراض، وجرفت السيول الأوراق الثبوتية وصادرت ما تبقى من أمل للنازحين. 

البداية من الصفر:

في معسكر، بمدينة كسلا، يأوي مئات النازحين المُهجرين من ولاية سنار ، تسكن المواطنة “انتصار عثمان” وهي أم لخمسة أطفال كانت قبل ذلك تقيم بمدينة سنجة منذ شهور بعد أن حاصرتهم قوات الدعم السريع في مدينة ود مدني ، تقول انتصار لـ”راينو” إنها بعد سلسلة النزوح الطويلة في ولايات السودان المختلفة قررت اللحاق بزوجها المقيم خارج البلاد ، وبدأت في استخراج الأوراق الثبوتية بعد معاناة طويلة بسبب زحمة منافذ استخراج الجوازات وارتفاع تكاليفها ، تحكي انتصار إنها تمكنت من استلام جوازات أطفالها وتنتظر تدبير مصاريف السفر والتذاكر إلا أن السيول والأمطار التي ضربت ولاية كسلا في الأيام الماضية أفقدتهم كل ذلك نتيجة تعرض المعسكر لأمطار عنيفة ، وتقول : ” فقدت الملابس والجوازات وشهادات الميلاد وقسيمة الزواج ومواد غذائية ، سوف أبدأ من الصفر” .

قصة المواطنة انتصار ليست هي الوحيدة بل هنالك مئات الحالات الأشد وقعاً على النفس، ومن داخل معسكرات النازحين يروي الناشط في العمل الطوعي “حافظ حسين” عن أزمة انسانية كبيرة يواجهها النازحين الذين فقدوا المأوى نتيجة الأمطار، ويصف الوضع في حديثه لـ”راينو” بالمُعقد خاصة كبار السن والمرضى الذين قضوا ليالي قاسية تحت المطر والبرق وانخفاض درجات الحرارة مع قلة الغذاء والدواء وانتشار الحشرات والثعابين.

معاناة تشمل المُضيفين والمُهجرين:

وبحسب تقرير لم ينشر صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية   تحصلت عليه “راينو” ، تأثر أكثر من 17000 شخص بالأمطار الغزيرة والفيضانات في أجزاء من غرب وشرق السودان منذ بداية موسم الأمطار ويشمل ذلك ما يقدر بنحو 10700 شخص متضرر من الفيضانات في ولاية كسلا، معظمهم فروا من الأعمال العدائية الأخيرة في ولاية سنار؛ وحوالي 5600 شخص في شمال دارفور، وما يقدر بنحو 500 شخص في شرق دارفور و210 أشخاص آخرين في كلبس، غرب دارفور توفي خمسة أشخاص، بينهم قاصران أثناء السباحة في نهر القاش، بينما أصيب خمسة أشخاص في ولاية كسلا لم يتم تحديد العدد الفعلي للمتضررين بعد، حيث تواصل السلطات والشركاء الإنسانيون تقييم تأثير الأمطار الغزيرة والفيضانات بين المجتمعات المضيفة واللاجئين والنازحين الذين استقروا في كسلا بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023. تشير التقييمات الأولية إلى تدمير 67 منزلاً في كسلا؛ وتدمير 20 منزلاً وتضرر 154 منزلاً آخر في أروما؛ كما دمر نحو 75 منزلاً وتضرر 72 منزلاً بقرية “ماكالي”، ودمرت ثلاثة منازل وتضرر 37 منزلاً بمحلية غرب كسلا، كما أثرت الفيضانات على 33 مدرسة بولاية كسلا كما أثرت الأمطار الغزيرة والفيضانات على عدد غير محدد من الأشخاص والمنازل في محليات أروما وشمال الدلتا وريفي كسلا وغرب كسلا وفي محلية أروما، تأثر 33 متجرًا ومبنيان لمدرستين دينيتين. كما غمرت الفيضانات الأراضي الزراعية وشردت العديد من الأشخاص في قرى شمال الدلتا على طول نهر القاش.

تداعيات الأزمة الإنسانية:

ويشير ذات التقرير إلى أن الافتقار إلى المأوى المناسب يؤدي إلى تعريض بعض النازحين، وخاصة النساء والفتيات والأطفال، لظروف الطقس السيئة وأشكال محتملة من الإساءة. كما جرفت الأمطار وثائق الهوية الخاصة بالنازحين والتي تعد ضرورية لوصولهم إلى الخدمات الأساسية. وتشمل الاحتياجات ذات الأولوية للأشخاص المتضررين الانتقال إلى الملاجئ والمباني في المناطق الأكثر جفافًا، وبناء موقع جديد لاستضافة النازحين، والمواد الغذائية وغير الغذائية، والوصول إلى المياه الآمنة والصرف الصحي، وسيارة إسعاف، ومجموعات الكرامة، والدعم النفسي والاجتماعي. وأبلغت وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية بولاية كسلا حتى الآن عن 42 حالة مشتبه بها من الكوليرا بالإضافة إلى ذلك، كشف تقييم أجراه شركاء مجموعة الصحة عن زيادة في حالات الإصابة بالملاريا وأمراض الجهاز التنفسي والإسهال والتهابات الجلد بين النازحين داخلياً.

التنبؤ بالمناخ:

مع توقع هطول أمطار غزيرة في المرتفعات الإريترية والإثيوبية الأسبوع المقبل، قد ترتفع مستويات مياه نهر القاش مما يؤدي إلى المزيد من الفيضانات في مدينة كسلا والقرى في مناطق أروما وشمال الدلتا و”تلكوك “، حسبما أفاد مركز عمليات الكوارث التابع لمركز التنبؤ بالمناخ وتطبيقاته التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية ويُنصح المجتمعات في المناطق المعرضة للخطر بتوخي الحذر خلال هذه الفترة بجانب توقعات الهيئة العامة للأرصاد الجوية بالسودان بهطول أمطار غزيرة بولايات شرق السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار