السودان

حملة المعلمين لوقف الحرب.. هل تدعم مفاوضات جنيف الإنسانية؟

تقرير: راينو

خمسة عشر شهراً من الحرب، أجبرت أكثر من 350 ألف معلم بالسودان على ترك التدريس والبحث عن مهن بديلة وهامشية لمقابلة متطلبات المعيشة، وما تزال معظم المدارس مغلقة وما يقارب 20 مليون طفل لا يذهبون للمدارس، في أسوأ كارثة تعليمية تشهدها المنطقة.

 ولأن التعليم هو المدخل لتحقيق السلام، ولأن استمرار الحرب يعني دمار المستقبل، ابتدرت لجنة المعلمين السودانيين حملة المعلمين الكبرى لوقف الحرب. وتهدف الحملة لإبراز صوت المعلمين الرافض للحرب، والمطالبة بالسلام، كون قطاع التعليم من أكثر القطاعات تأثراً بها، والمعلمون هم الأقدر والأجدر لقيادة حراك الشعب الرافض للحرب.

مبررات الدعوة:

ظل السودانيون يعانون لما يقارب العام ونصف منذ انطلاق الحرب في 15 إبريل 2023، وكانت نتيجة ذلك قتل وتشريد وتجويع وتدمير لمؤسسات الشعب الحيوية، يأتي ذلك والأزمة الإنسانية تتعمق يوماً بعد يوم، وما يزال طرفي الحرب وكما يبدو غير قادرين على حسمها عسكرياً..

 تعددت الدعوات لإنهاء الحرب وتعالت أصوات السلم، إلا أن عدم الإرادة الحقيقية في وقف هذه الحرب أفشل كل محاولات الوصول لحلول سلمية تضع حداً للمعاناة.. قطاع التعليم في السودان يمثل جل الشعب السوداني ولا توجد أسرة لم يمسها الدمار الذي أحدثته الحرب في هذا القطاع، ولذا يجد معلمو السودان أنفسهم أمام تحدي كبير في إعلاء صوت السلم من خلال مبادرتهم التي انطلقت أمس.

أهمية الحملة:

 وعن أهمية هذه المبادرة والدور الوطني الكبير الذي يعلبه المعلمون يقول الأستاذ والخبير التربوي علي الحسن لـ”راينو” إن الدول التي نهضت لم تكن لتنهض لولا إنها وضعت المعلم في مكانه الصحيح وجعلته صاحب مشورة ورأي. ويضيف الحسن أن المجتمعات المتقدمة تتخذ من المعلم نموذجاً ومثالاً للقدوة باعتباره صاحب رسالة السلم والسلام والإخاء والتعايش وتحصين المجتمعات مما هو غير حميد من القيم والسلوكيات.

دمار آلاف المدارس:

من جانبه أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد لطيف أن أكثر من 90% من الشعب السوداني هم شركاء في العملية التعليمية التي تتكون من الحكومة واللجان التعليمية والمعلم والطالب والأسرة، وفي تسجيل صوتي قال لطيف إن  ستة آلاف مدرسة تحولت دور إيواء للنازحين بالولايات الآمنة، لذا فكانت رسالة المعلمين تنادي بوقف الحرب من أجل إرجاع الحياة لطبيعتها، وعودة النازحين لبيوتهم، وتأهيل المدارس لاستقبال الطلاب، مشيراً لوجود مدارس أخرى تم احتلالها من قبل طرفي الحرب – كل في مناطق سيطرته – وأخرى تم تدميرها لوقوعها بالقرب من مناطق تبادل القصف .

وحذر خبراء في مجال التعليم من تفاقم فجوة التعليم الخطيرة التي تواجه الملايين من طلاب التعليم العام والعالي، بعد ضياع عامين دراسيين كاملين بسبب الحرب، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية يمكن أن تنجم عن الفتح الجزئي للمدارس في بعض المناطق الآمنة نسبيًا.

‏‎ووصف عضو نِقابة المعلمين السودانيين الفرعية في بريطانيا برير إسماعيل بحسب “الهدف” أوضاع التعليم بـالمأساوية، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في آلية دولية تلزم طرفي القت-ال بحماية المدنيين والابتعاد عن المدارس والمؤسسات التعليمية.‎

‏‎وعدّ برير استئناف الدراسة في بعض الولايات بأنه انتهاك لمبدأ العدالة والشمولية في العملية التعليمية، ويؤدي إلى تداعيات كارثية. وقال: “رغم إقرارنا التام بضرورة استمرار التعليم، فإن سياسة تجزئة العملية التعليمية وحصرها على مناطق محددة يمكن أن تشكل مدخلًا لتقسيم السودان.”

يذكر أن أكثر من نصف المدارس والجامعات والمعاهد والكليات العليا المتخصصة الحكومية والأهلية في الخُرْطُوم ومدن أخرى، تعرضت لتخريب كلي أو جزئي، بسبب القصف الجوي والمدفعي المكثف.

منذ اندلاع الحرب فقد نحو 19 مليون طالب وطالبة القدرة على الوصول إلى المدارس والجامعات، وفي حين عادت الدراسة تدريجيًا في بعض المناطق، إلا أنها ما تزال متوقفة في ولاية الخُرْطُوم ودارفور والجزيرة، التي بها أكثر من 75 بالمئة من المدارس والجامعات والطلاب.

تضامن وترحيب:

وجدت حملة لجنة المعلمين السودانيين التي انطلقت أمس ترحيباً كبيراً، وساعدت في تحريك وتوسيع دائرة الأصوات التي تطالب بإنهاء الحرب ومن أولى الأجسام التي دعمت حملة لجنة المعلمين، نقابة الصحفيين السودانيين وقالت في بيان لها “انطلقت صباح السبت حملة لجنة المعلمين السودانيين لوقف الحرب تحت شعار “المعلمون دعاة سلام” التي تدور في بلادنا وشردت الملايين من أبناء شعبنا الذين يتخطفهم الرصاص والجوع، وأصبحت البلاد قاب قوسين أو أدنى من شبح المجاعة، بدروها تعلن نقابة الصحفيين السودانيين، عن تضامنها مع خطوة المعلمين لوقف الحرب، ونهيب بجموع الصحفيين والصحفيات داخل الوطن أو خارجه الانخراط في الحملة وانجاحها بتغطية أنشطتها وفعالياتها والتوعية بأهمية وقف الحرب ونبذ تداعياتها وكنس آثارها النفسية والاجتماعية” .

الحملة والدعوة الأمريكية:

تتزامن حملة لجنة المعلمين مع الدعوة التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية لطرفي الحرب للتفاوض، حيث رحب تجمع القضايا المطلبية بالدعوة التي وجهتها الولايات المتحدة الامريكية بالتعاون مع المملكة العربية السعودية للقوات المسلحة السودانية ولقوات الدعم السريع بالجلوس معا والتفاوض في مدينة جنيف لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات الانسانية وانقاذ أرواح الملايين من الشعب السوداني، لا سيما وأن منظمات دولية كثيرة دقت ناقوس الخطر وحذرت من احتمال كبير لحدوث مجاعة في السودان إذا استمرت الحرب لعام آخر.

وقال بيان صادر عن تجمع لقضايا المطلبية “نهيب الطرفين الانصياع للصوت العالي لجموع السودانيين ورغبتهم الجامحة في العودة لمنازلهم، كما نعلن وقفتنا وتضامننا التام مع لجنة المعلمين السودانيين في الحملة التي أطلقتها وتدعو لإيقاف الحرب وانقاذ التعليم الذي توقف لما يقارب العامين”.

بجانب الأجسام المطلبية والنقابية، أصدرت عدد من الأحزاب السياسية بيانات ترحيب ودعم لمبادرة لجنة المعلمين، مثل “التجمع الاتحادي، المؤتمر السوداني، البعث العربي الاشتراكي الأصل، الوطني الموحد”.

وفي بيان له قال الحزب الجمهوري:(نثمن عالياً هذا الحراك الشعبي لإيقاف الحرب، ومما يدعونا لدعمه هو قيادة المعلمات والمعلمين له، إذ هم عندنا الأقدر والأجدر لقيادته، مربي ومعلمي بنات وأبناء المستقبل، وغيرها من منظمات المجتمع التي أعلنت تضامنها ومساندتها لحملة لجنة المعلمين السودانيين) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار