السودان

فشل اجتماع الاتحاد الأفريقي التشاوري بشأن السودان .. هل يعزز فرص مؤتمر القاهرة؟

تقرير: راينو

تشهد الأزمة السودانية داخلياً وخارجياً هذه الأيام حركة متسارعة مع بروز فاعلين جدد في دائرة وقف الحرب التي بدأت تتسع ابتداء من مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية الذي جاء تحت شعار “معاً لوقف الحرب في السودان” وشدد البيان الختامي للمؤتمر، على ضرورة الوقف الفوري للحرب، ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار، ووقف العدائيات كما أكد ضرورة الالتزام بـإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب.

يأتي ذلك و”بورتسودان” تستقبل هذه الأيام زيارات متنوعة لكل من نائب وزير الخارجية السعودي “وليد بن عبد الكريم الخريجي”، ورئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد”، والخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر، فما هي محصلة الحراك الكثيف في المشهد السوداني؟

ثلاث زيارات:

بعد انفضاض مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية والترحيب الذي حظي به باعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح نحو وقف الحرب نظراً لتوسع دائرة المشاركة فيه والنظرة الإيجابية للدور المصري في هذه العملية ، شهدت العاصمة البديلة لحكومة الأمر الواقع “بورتسودان” زيارات لشخصيات مهمة وكان أولها وصول نائب وزير الخارجية السعودي “وليد بن عبد الكريم الخريجي” الذي التقى قائد الجيش السوداني “عبد الفتاح البرهان” وبحث معه الدعوة لاستئناف منبر جدة التفاوضي لإنهاء الحرب في السودان .

كما استقبلت مدينة بورتسودان شرقي السودان، الإثنين الخبير المعين لحالة حقوق الإنسان في السودان، “رضوان نويصر”، في زيارة تستغرق عدة أيام يعمل فيها على الالتقاء بمنظمات المجتمع المدني والجماعات الحقوقية، ولجان المقاومة في كل الولايات سواء تلك التي يسيطر عليها الجيش أو الدعم السريع.

وبذات الإيقاع المتسارع في الوفود إلى بورتسودان، حظيت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد باهتمام كبير نسبة لتوتر العلاقات بين إثيوبيا والسودان عقب حرب 15 إبريل بسبب التصريح الشهير لأبي أحمد الذي طالب بحظر الطيران السوداني ونزع المدفعية الثقيلة وحديثه عن وجود فراغ في القيادة السودانية .

الدعوة للتفاوض:

على خلفية هذه التحركات والزيارات متعددة الأغراض والأهداف، المعلنة والخفية، يرى الصحفي والمحلل السياسي “فائز السليك” زيارات هؤلاء المسؤولين تأتي في سياق الدعوة للعودة للتفاوض عبر منبر جدة من جانب المسؤول السعودي فيما يحاول أبي أحمد الدفع بمنبر الاتحاد الإفريقي، فيما لم يستبعد “السليك” أن يفتح أبي أحمد ملفات تخص العلاقات بين إثيوبيا والسودان.

ويقول “السليك” لـ”راينو”:(ليس من السهولة إيقاف الحرب في ظل تعدد مراكز القرارات وواضح من موقف البرهان وتمسكه بشروط كان يمكن مناقشتها على طاولة التفاوض، بالإضافة إلى الوضع العملياتي الذي لم يحقق مرحلة توازن القوى أو الضعف).

ماذا يحمل أبي أحمد:

زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حظيت باهتمام كبير وشغلت الرأي العام طوال ساعات مكوثه في بورتسودان ووثقت وسائل التواصل الاجتماعي كل بروتوكولات استقباله بدءً من مصافحته لقائد الجيش السوداني، وقيادته السيارة التي تقلهما وزراعة الشتول انتهاءً بوداعهما “بالأحضان”.

ونقل الصحفي “عطاف محمد مختار” عن مصادر قولها إن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” للسودان جاءت لبحث ثلاثة ملفات، أولها الحدود وتوغل مليشيات “الفانو” داخل منطقة “الفشقة” السودانية، ملف “التيغراي” وتخوف إثيوبيا من لاجئي التيغراي المتواجدون بكثافة في شرق السودان، بجانب اقتراب قوات الدعم السريع من الحدود الإثيوبية عقب اجتياحها لسنجة والدندر، وكونها باتت على مقربة من القضارف.

وفي ملف الوساطة أوردت وكالة رويترز تقريراً، قالت فيه إنّ “أبي أحمد” الذي يُعد حليفاً لأبوظبي، التي يتهمها السودان رسمياً في مجلس الأمن بدعم قوات الدعم السريع، وهي مزاعم تنفيها الإمارات، لكن خبراء الأمم المتحدة يقولون إنها ذات مصداقية  وتقول المصادر- بحسب “عطاف” –  إنّ أبي أحمد، بالفعل قد فتح هذا الملف أمام قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، موضحاً له أن أبوظبي فعلاً طورت مقدرات الدعم السريع عسكرياً  قبل الحرب، وذلك من خلال بروتوكول عسكري موقع بين الخرطوم وأبوظبي، لكن بعد الحرب لم تقدم لها أكثر من ذلك. وفيما يتعلق بملف الوساطة مع أبو ظبي، قال “البرهان” إن الملف مرهون بما ستبديه أبو ظبي من حُسن نوايا على الصعيد السياسي والأمني تجاه السودان.

فشل التشاوري:

وفي خطوة غير متوقعة أقدمت العديد من الاطراف السودانية على الاعتذار من المشاركة في الاجتماع التشاوري للاتحاد الافريقي، بدء بحزب البعث مرورا بتقدم مرورا بالحركة الشعبية جناح الحلو واستمرارا للعديد من الفصائل المسلحة الأخرى.. الاعتذارات من قبل الفعالين في المشهد السوداني خصوصا على مستوى المدنيين أعتبره كثيرون ضربة موجعة للاتحاد كمنظمة، بحكم حرصه على إعادة انتاج فلول النظام البائد كطرف اصيل في المعادلة، وهو ما يتسق مع تسريبات تتحدث عن اختراق الاتحاد من قبل النظام البائد ودفع رشاوي ومحفزات لتمرير ما يريده النظام ومتأسلميه.

وتذهب التحليلات أن الضربة التي أصابت الاتحاد الافريقي تخدم المنبر المصري، وتصب لصالحه ولصالح مخرجاته التي رفضها الجيش وواجهاته، بالتالي فإن تململ القاهرة من موقف الجيش من جانب، وفشل الاتحاد الافريقي من جانب آخر، يجعل الجيش يدخل مفاوضات “جدة” القادمة وهو مكشوف سياسياً، وفي موقف أضعف من الحلفاء الإقليميين، لصالح الدم السريع.

مخاوف دول الجوار:

وعلى الصعيد العملياتي على الأرض ما تزال قوات الدعم السريع تسيطر على أجزاء كبيرة من ولاية سنار بعد دخولها مدينة سنجة والدندر، مع تخوفات من تمددها شرقاً إلى الجارة إثيوبيا، وهذا ما جعل معظم التحليلات تتجه نحو فرضية أن ذلك هو مربط الفرس الذي جعل رئيس الوزراء “أبي أحمد” يهرول نحو السودان.

 ويقول المحلل السياسي “مصطفى أبوبكر” إن تخوف دول الجوار من تبعات هذه الحرب وأضرارها المباشرة على هذه الدول هو ما حرّك البركة الساكنة نحو مجهودات وقف الحرب نظراً لتباطؤ وتماهي هذه الدول طيلة العام السابق، ويقول “مصطفى” لـ”راينو” إن إثيوبيا تخشى من توغل قوات الدعم السريع على الحدود، لاسيما مناطق النيل الأزرق وسنار، واقتراب العمليات العسكرية من دائرة أعمال سد النهضة الذي يستعد لمرحلة الملأ الخامس للبحيرة. وبحسب “مصطفى” أن إثيوبيا لا تتهاون في أي أمر يمس سد النهضة الذي تعتبره مشروع القرن، مشيراً إلى أن مؤتمر القاهرة جاء بعد أزمة اللاجئين السودانيين والتدفقات الكبيرة، وخوفها من ارتفاع وتيرة هذا التدفق في حال تمددت قوات الدعم السريع نحو الولايات الشرقية والشمالية، والتي تأوي أعداد كبيرة من نازحي ولايات سودانية أخرى، التي شهدت عمليات عسكرية وانفلاتات أمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار